شهيدة من العبابسة - بقلم: نبيل عصام الشريف مصطفى

نشر في يوم الأحد 30 ديسمبر 2007م في منتدى قديم

دفتر صغير يختلف في الشكل عن دفاتر أبي أحيانا يقلبه أبي وهو سارح مرة سألته عنه قال لي: "إنه دفتر المرحومة الشهيدة عمتك أماني كانت تكتب فيه خواطرها وبعض أفكارها وفيه بعض تعليقات من كانت تعرفهم!". هاكم صفحة من هذا الدفتر كانت موقعة من المرحومة بتاريخ 2 - 2 - 1992م علما بأنني ولدت وخرجت إلى هذه الدنيا بعد 12 يوم فقط من هذا التاريخ . "الحياة حلوة بشرط أن تعرف كيف تحياها إنها أشبه بكوب من الشاي بقدر ما تضع فيه من قطع السكر تزداد حلاوته وإذا وضعنا فيه ملحا أو علقما تضاعفت مرارته فإذا فكرت في نفسك فقط فلن يفكر فيك أحد وإذا أحببت الناس جميعا أحبك كل الناس  وإذا أحسست بهم أحسوا بك وهكذا ستشعر دائما أنك لست وحدك الدنيا كلها معك لأنك معها أما إذا عشت لنفسك فقط فستجد نفسك في عزلة قاتلة ووحدة مريرة الدنيا أشبه بالأطفال ألا تلاحظ أن الأطفال يتجهون دائما إلى الذي يحبهم وينفرون من الذين لا يحبونهم. لا أحد يقول للطفل إنه يحبه أو يكرهه إنما هي غريزة إن المخلوقات تتجه للذين يحبونها ولهذا فإن الدنيا تتجه للذين يحبونها وتنفر من الذين يكرهونها. والدنيا أيضا اشبه بالمرآة إذا ابتسمت لها ابتسمت لك وإذا عبست فيها رأيت فيها وجها عابسا فلا تتصور أن من الممكن أن تعبس في المرآة فترى فيها وجها مبتسما بقدر ما تعطي تأخذ وإذا أعطيت كثيرا فسوف تأخذ كثيرا. وقد أحببت الدنيا في الناس أمضيت عمري أحاول أن أحول الدموع إلى بسمات والأنين إلى ضحكات وقد نجحت قليلا وفشلت ومع ذلك فقد كنت أشعر بسعادة غامرة عندما أمسك قطنة لأضمد جرحا أو أحاول بكلمة حب أن أسكن ألما وعندما كان يمر يوم بغير أن أفعل ذلك تبدو الدنيا حزينة مظلمة كئيبة أشعر إنها تمد أصابعها لي وتتهمني بأني أمضيت اليوم دون أن أؤدي واجبا إنه ليس واجبا نحو الناس بل هو واجب نحو نفسي أنا أشعر بسعادة غامرة وأنا أرى حلاوة الدنيا في ابتسامة الناس كل ابتسامة فوق شفاه هي قبلة على جبيني". انتهى