الأحد، 21 أغسطس 2022

صحيفة الخليج الإماراتية توثق لمسجد من المساجد التي بناها العبابسة: مسجد “السنيناب” معلم يفوق عمره 400 سنة




مسجد “السنيناب” معلم يفوق عمره 400 سنة


ملاحق الخليج - ملحق الصائم - بيوت الله
تاريخ النشر: 26 سبتمبر 2008 - الساعة: 03:33 صباحا



هو مسجد يعود لأسرة السنيناب، وهي أسرة منتشرة في شمال السودان خاصة في منطقة محافظة أبو حمد يقول أبناؤها إن نسبهم يعود إلى سيدنا العباس بن عبد المطلب ويطلق الناس عليهم أيضا اسم العبابسة باللهجة السودانية المحلية أي العباسيون، ويعود تاريخ دخول الأسرة للسودان إلى ما بعد هجوم المغول على الدولة العباسية حيث انتشروا في أسوان (صعيد مصر) ومن ثم دخلوا السودان وشيدوا مسجد السنيناب في العام 1585 الذي أعيد بناؤه مرتين بعد ذلك كانت إحداهما باستخدام المواد المحلية واللبن في تشييده أما في المرة الثانية فكان تشييده بطريقة حديثة ولكن أمام المكان الذي كان يوجد فيه المسجد القديم الذي ترك ليكون مصلى للنساء.

عبد الخالق بابكر وهو باحث وأحد أبناء منطقة مري أكد لالخليج أن مسجد السنيناب ومقابرهم التي لا تزال موجودة وهي مشهورة بعدم وجود أية شواهد تسجل عليها بيانات المتوفى بناء على نصيحة أبناء الأسرة السنيناب إلا أن أربعة قبور فقط تم وضع الشواهد عليها اثنان من أصحابها توفيا غرقا وهما من منطقة أخرى أما الثالث فهو لأحد أحفاد السنيناب والرابع قبر لامرأة، وأضاف بابكر أن السنيناب حضروا إلى الكاسنجر في شمال السودان وأشهرهم هو مؤسس الأسرة في السودان الشيخ شرف الدين بن عبد الرحمن الذي حضر إلى المنطقة ابان سيطرة الدوليات المسيحية عليها وتوفي هناك، إلا أن ابنه عبد الرحمن حضر إلى الرباطاب في ولاية نهر النيل في العام ،1585 وقام الحاج أبو سنينة بتشييد مسجد مري الموجود في محلة الفقرا المشهورة في طول المنطقة وعرضها وتعتبر من المناطق الدينية في المحافظة هناك حيث يحظر داخل أسوار الحي حتى تعاطي التبغ، ويقع المسجد على بعد أمتار قليلة من النهر وتحيط به منازل أحفاد السنيناب وأقاربهم من اسر الكعاكيل والعشاشيب وغيرهم.

وأوضح عبد الخالق أنه قرأ بنفسه تاريخ تشييد المسجد المكتوب على حجر الأساس قبل أن يتم إعادة بنائه من جديد بعد أن أعمل فيه الزمن بصمته وأضاف أن عملية البناء الجديدة التي تمت في السبعينات من القرن الماضي أشرف عليها أحد أحفاد الأسرة وهو الراحل الخليفة ميرغني الطيب وهو الشخص السابع والعشرون في تاريخ الأسرة ممن تولوا الخلافة.

وأشار عبدالخالق إلى أن البناء الثاني الذي وصل عمره الآن إلى 48 عاما ترك ليكون مصلى للنساء ولكن مسجدا آخر شيد أمامه بصورة حديثة اكتمل في العام 1997 وأضاف أن السنيناب يمتلكون عشرات المساجد في شمال السودان حيث تمتد السلسلة من دنقلا مرورا بالكاسنجر وكريمة وكبنة والشامخية في المناصر والكرو وندى، مبيناً أن من بين العلماء من السنيناب الحاج سعد وكان أستاذا للشيخ حمد المجذوب مؤسس مدينة الدامر التي يطلق عليها دامر المجذوب وهي مدينة دينية تاريخية شهيرة توجد فيها أسرة المجاذيب.

معالم سياحية

وأشار إلى أن مؤسسي طائفتي الأنصار والختمية في العهد الحديث الإمام عبد الرحمن المهدي وعلي الميرغني كانا يتبادلان الرسائل المتعلقة بقضايا الفقه والدين مع علماء السنيناب وأضاف أن أشهر علمائهم أيضا الشيخ احمد محمد قمر الدين وهو صاحب أكثر من 50 مخطوطة في الفقه وقضايا الدين لكنه رفض تولي القضاء في القرن السابع عشر، وأفاد بأن الأتراك بعد غزو محمد علي باشا للسودان في القرن نفسه أعفوا الأسرة من الضرائب لكن حاج علي الحمادي تولى منصب القاضي إبان حكم المهدية الذي امتد من العام 1885 وحتى نهاية القرن التاسع عشر.

وأكد عبد الخالق أن مقابر السنيناب الأثرية تعتبر الأشهر في المنطقة خاصة أن كثيراً من الناس كانوا يزورونها عند المناسبات المختلفة حيث درج البعض على حلاقة رؤوس الأطفال في المقابر إضافة إلى زيارتها عند الزواج والختان وغيرها من عادات تمارس في المقابر في وقت سابق لكنه أوضح أن زفاف العرسان إلى المقابر توقف تماما في بداية الستينات من القرن الماضي عندما زف أهله والده بابكر، مشيراً إلى أن المقبرة تضم رفات أحد الأولياء المشاهير ويدعى الشبلي ذكر في أحد المدائح الشهيرة للمادح الحاج الماحي وهي قصيدة التمساح الشهيرة التي نظمها في القرن السابع عشر.

وناشد عبد الخالق مصلحة الآثار تنشيط السياحة لضمان توفير مصادر دخل جديدة للمنطقة التي يعاني أصحابها أصلاً من قلة الدخل وأضاف أن تشجيع السياح على زيارة المعالم التاريخية والأثرية التي من بينها المقابر والمسجد سوف يدر الأموال على الناس هناك مما يساهم في ارتفاع مستوى المعيشة وإبعاد شبح الفقر عنهم خاصة في ظل السلام الذي بدأ يشهده السودان، الأمر الذي يشجع السياح الأجانب على العودة مجددا إلى نهر النيل بجانب تشجيع السياحة المحلية وتطويرها باعتبارها تضم آثارا مهمة توجد حتى على الخرائط الأوروبية التي أكد أحد السياح الأجانب ممن كانوا يزورون المنطقة ان منطقة مري موجودة أصلا على خرائطهم ولذلك فإنهم يأتون إليها بمعرفة تامة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق