الأربعاء، 22 يونيو 2022

كراسة النسب الصغير في نسب العبابسة بني العباس بالسودان - تأليف: الفقيه أحمد ابن محمد النبر - العباسي نسبا المالكي مذهبا


1 | ص ف ح ة
كراسة النسب الصغير في نسب العبابسة بني العباس بالسودان
تأليف الفقيه أحمد ابن محمد النبر
العباسي نسبا المالكي مذهبا
نسخة الدكتور أحمد المعتصم الشيخ رحمه الله
2 | ص ف ح ة
إهداء إلى روح ابن عمي العزيز الدكتور أحمد المعتصم الشيخ محمد طيب الله ثراه الذي، بفضل الله، ثم بفضله صارهذ العمل ممكنا.
كنت أتمنى أن يكون حاضرا ليرى هذا الجهد ويوجهه ويعلق عليه.
 3 | ص ف ح ة 
مقدمة 
بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. 
وبعد 
هذه نسخة رقمية من مخطوطة كراسة النسب الصغير للعبابسة بالسودان تأليف الفقيه أحمد ابن محمد النبر الذي يحلو له أن يشير الى نفسه بالعباسي نسبا المالكي مذهبا تعريفا لا تشريفا كما دوما يفعل الكتاب والفقهاء العبابسة. 
كما الحقت بالنسخة مقتطفات من مخطوطة كراسة النسب الكبير لنفس المؤلف.
 والعبابسة، لمن لا يعلم، هم مجموعة أسر سودانية تنتسب إلى العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم عن طريق الخلفاء العباسيين، ولهم انتشار واسع في مناطق المناصير، والرباطاب فيما سمي بمنطقة التكاكي، وكذلك مع الجعليين في مناطق وهيب والراو وسقادي وغيرها، ولهم وجود مؤثر في مناطق ود العباس وأبو ريش وما حولهما وكذلك في دونتاي، ولهم وجود كثيف بمنطقة القضارف وبالذات في حي ابايو. 
كما أن هناك أسر متفرقة في شندي والدويم وغيرها. 
ومعظم العبابسة ينتسبون للشيخ شرف الدين الذي ضريحه ظاهر يزار بالكاسنجر بديار الشايقية. 
وربما يصح على العبابسة أن تسمى قبيلة إلا أنهم ال يستخدمون هذا الوصف، ربما على اعتبارأن قبيلتهم هي بني العباس أين ما حلوا وما هم إلا فرع منها.
 الغرض من أعداد هذه النسخة الرقمية من كراسة النسب الصغير للفقيه أحمد ابن محمد النبر هو أن تكون متاحة لأكبر عدد من العبابسة، وللذين يبحثون في تراث وأنساب العبابسة، وللذين يرون أنها قد تضيء بعضا من جوانب تاريخ وتراث السودانيين عامة. هذه النسخة الرقمية تيسر عمليات الطباعة والإقتباس والنشر عموما. كما أن إعداد هذه النسخة خطوة نحو تحقيق علمي لمخطوطة النبر، الأمر الذي كان يخطط له الدكتور أحمد المعتصم الشيخ طيب الله ثراه وأحسن إليه وجزاه عنا خير الجزاء. يرجع الفضل في حصولي على هذه المخطوطة لابن عمي الدكتور أحمد المعتصم الشيخ رحمه الله ورضي عنه وأرضاه، فقد أعارني النسخة الأصلية من المخطوطة ولم يسترجعها إلا بعد أعوام تطاولت حيث كنت قد أخذت منها صورة رقمية احتفظت بها في جهازي. وقد أمدني أيضا بصورة ورقية من مخطوطة كراسة النسب الكبير أرجعتها أيضا بعد أن اقتبست منها بعض الأجزاء المهمة بغرض مقارنتها مع كراسة النسب الصغير. وقد أمدني الدكتور أحمد المعتصم الشيخ بمواد أخرى منها المخطوطة
 4 | ص ف ح ة 
المهمة التي تترجم للشيخ الجليل جدنا إبراهيم القلوباوي من تأليف ابنه الفقيه مدني المسماة "الجوهر الفريد في مناقب الشيخ الرشيد" ويشار لها اختصارا بالمناقب.
 وهذه المخطوطات، ومن ما لاحظته من اهتمام الدكتور احمد المعتصم الشيخ بجمعها وتصويرها وعموم الإهتمام بها، يبدو أن لها أهمية في سبر أغوار تاريخ السودان في فترة سلطنة الفونج وفي القرنين الذين سبقاها، بنفس الأهمية التي أولاها المختصون لطبقات ابن ضيف الله. وهذه الفترة من تاريخ السودان أولاها الدكتور أحمد المعتصم الشيخ عناية فائقة تجلت في مؤلفاته ونظرياته التي وجدت قبولا عريضا بين أقرانه. والسبب الذي دفع الدكتور أحمد المعتصم الشيخ لأن يخصني بهذه المنح ما لاحظه من اهتمامي المبكر بما كان يقوم به من بحوث عندما كنت أسكن معه بمنزله ببري المحس في النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي وكأنه رغب في أن يكون لي إطلاع وربما مساهمة من نوع ما في ما يقوم به من بحوث حتى ولو من باب المناقشة وعصف الذهن. كان اهتمام الدكتور أحمد المعتصم الشيخ أكثره بالتاريخ وخصوصا في الفترة التي ذكرتها أعلاه، ومع أنه كان، بصورة لا تخطؤها العين لمن يعرفونه، يفتخر بإرث أهله العبابسة فإنه لم يبد اهتماما بسلاسل الأنساب المتداولة عند العبابسة وغيرهم ومحاولة البعض التحقق منها، وربما شارك القناعة من قال إن الإشتغال بالأنساب "علم ال ينفع وجهالة لا تضر". بالعكس من ذلك كان اهتمامي منصبا على الأنساب وخصوصا أنساب العبابسة ولم يكن الدافع هو الإفتخار بهذا النسب وانما محاولة التعرف عليه عن كثب والتحقق من صحته، وفي هذا المسعى كانت الوثائق التي وفرها الدكتور أحمد المعتصم الشيخ خير معين. ولا يمكن قراءة مخطوطة النبر التي نحن الآن بصددها إلا بمصاحبة كتاب "إيقاظ الناس الى شرف بني العباس" لمؤلفه أحمد الأمين الشيخ محمد الذي حشد كتابه ذاك بكثير مما كتبه النبر كما ضمنه ترجمة وافية عن النبر نفسه. الجدير بالذكر أن هذا الكتاب القيم أخرجه للوجود الدكتور أحمد المعتصم الشيخ بعد أن كان طي النسيان. نقتطف من كتاب الإيقاظ هذه النبذة عن النبر. "وكان الشيخ أحمد النبري رضي هللا عنه عالما عاملا صالحا تقيا ورعا ذو فتوحات وتآليف عديدة تشهد له مؤلفاته بسعة علمه وكثرة إطلاعه على دقائق الأمور. قرأ القرآن بمحله بمسجدهم المعلوم وهاجر لطلب العلم، وتشرف بالإنتساب إلى الشيخ محمد بن الطريفي في علم الظاهر والباطن والتصوف، وله طبقات في مشايخه العركيين قيل إنها من أثمن المؤلفات، وأعلمني من أثق بدينه وأمانته من ذريته أنه لقب بالنبري لكثرة نكباته لكل من تعدى عليه. وقيل إن شيخه محمد بن الطريفي لما لاحظ عليه الكمال قال له أنت ويوسف ولدي أظهروا لنا كرامة تدل على صدق المعاملة، وكانوا على شاطيء البحر بحلة أبو حراز نواحي ود مدني، فغطس الشيخ يوسف أبو شرا وأتى بعرجون فيه رطب، وقال هذا
 5 | ص ف ح ة 
الرطب أتيت به من الجزيرة نيش بدار المغاربة. وغطس الشيخ أحمد النبري وأتى بعرجون فيه تمر رطبا وقال أتيت به من الطائف محل جدي عبد الله ابن عباس، هكذا سمعته. وكان محمد بن الطريفي يحب هذا التلميذ محبة خاصة حتى زوجه ابنته، وكانت من الصالحات وكانت تحيي الليل كله هو وهي ولم تتحرك عليها طبيعته، ورآها كاخته، ولكن وافق الشرع في العقد عليها، ولكن عليت روحانيته الجسمانية، كأنها في الحقيقة نسبة الأرواح آكد من نسبة الأشباح، وقد قال العلماء في مثل هذا المعنى بقبول توبة العاق لوالديه بشروطها، الندم على ما فات، الإقلاع في الحال، والعزم على ألا يعود إلى مثل ما مضى من عمره، وغير ذلك من الشروط المعروفة. وخالف العاق لشيخه فإنها لا تقبل توبته، لأن تربية الوالد لجسم فاني، وتربية الشيخ لروح باقية، وقد قيل في ذلك شعر: انهض إلى الروح واستكمل فضائلها 
فأنت بالروح لا بالجسم إنسان 
وقد قيل لمن قال لشيخه لم؟ لا يفلح. 
ولنرجع لما نحن بسبيله. لما رجع الشيخ لمحله كلفوه بنو عمه بأن يتزوج من بنت عمه، والناس في جهاز العقد قام منزعجا وقال لهم شممت رائحة شيخنا محمد بن الطريفي. قيل إن بعض الناس رآه يتكلم مع تلميذه بعد أن نزل. وقيل قال له " لما أرادوا أن يزوجوك بابنة عمك، طلق أختك" فطلقها. يعني ابنته التي يعلم حالها وحاله أمره بطلاقها حسما لمادة الغيرة الطبيعية التي لا يريدها بينه وبين تلميذه. نفعنا الله ببركات الجميع. وإلى الآن بيان الشيخ محمد بن الطريفي ظاهر يزار بجبانة الحجير". انتهى الإقتباس. ونستخلص من النبذة أعلاه أن النبر كان زميلا وربما نديدا للشيخ يوسف أبو شرا ابن شيخه محمد الطريفي. نعرف أن الشيخ يوسف أبو شرا ولد سنة 1133 هـ وآلت له الخلافة سنة 1153هـ وتوفي سنة 1217هـ. 
وعليه يكون الشيخ النبر من مواليد الفترة التي سبقت سنة 1133هـ بقليل، وليس هناك معلومات عن سنة وفاته رحمه الله، ويقال إنه توفي حوالي سنة 1200 هـ.ومن الأشياء المحيرة سلسلة نسب النبر فقد أوردها في متن كراستيه كالتالي أحمد بن محمد المشهور بالنبر بن إبراهيم بن أحمد بن عثمان بن محمد بن أبي بكر بن الحاج الكبير بن محمد الجمة بن عبد الرحمن بن شرف الدين
 6 | ص ف ح ة 
لكن حسب الأعمدة في النسخة التي اطلعت عليها من كراسة النسب الصغير وفي كتاب الإيقاظ كانت سلسلة النسب كالتالي: أحمد بن محمد المشهور بالنبر بن إبراهيم بن أحمد البولاد بن عثمان بن محمد بن أبي بكر بن عون الله بن الحاج حمدت الله بن عون الله بن الحاج الكبير بن محمد الجمة بن عبد الرحمن بن شرف الدين أي أن هناك زيادة في الأسماء. الغريب أن هناك نسخة من كراسة النسب الصغير بخط أحمد بن محمد المشهور بلبيخ ليس فيها هذه الزيادة. وقد حصلت على صورة من هذه النسخة من الأخ الأستاذ محمد كباشي فله جزيل الشكر على ذلك. وقد استفدت من نسخة لبيخ في استجلاء بعض الكلمات الغامضة في نسخة أحمد المعتصم الشيخ. العجيب أن النبر لم يضع عنوانا لأي من كراستيه والعنوان الذي استخدمته هنا هو ما درج الناس عليه عند الإشارة لهاتين المخطوطتين. على أن المخطوطة التي نسخها لبيخ معنونة بالنسب العباسي. هناك ملاحظة أخرى هي أن النبرلم يستخدم لفظ ‘عبابسة‘ قط بل يشير إلى قومه ب‘بني العباس‘، فحيث ما ورد نص ‘بني العباس‘ لقوم في السودان فإن النبر يقصد بهم العبابسة حصريا. ولعل النبر كان متضايقا من هذه التسمية لأن البعض أفترض أن العبابسة نسبة إلى عبس قبيلة عنترة كما ذكرفي متن مخطوطته. والحقيقة أن نسبة العبابسة إلى عباس صحيحة لغويا وكثيرة التداول خصوصا في المغرب العربي ولقد أفرد البعض بحوثا مفصلة ليس هذا مجال الإسترسال فيها. عموما العبابسة يشيرون إلى الواحد منهم بعباسي والواحدة بعباسية. ختاما نؤمل أن تسد هذه النسخة حاجة أسر العبابسة لوثيقة يمكن الرجوع إليها بسهولة والطباعة منها وكذا الإقتباس. وهذه النسخة ليست محققة ونتمنى أن يهيء الله من يقوم بتحقيقها حسب ما هو متعارف عليه علميا. حولها للصورة الرقمية الفضل خليفة الشيخ 2022/4/15م.
 7 | ص ف ح ة
 لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي أنار قلوب العارفين بالصواب، وخلق من الماء بشرا وجعل منهم أولوا الألباب، وفرعهم شعوبا وقبايل منهم الشريف والوضيع في الأنساب، وشرفهم فيما لديهم بالعوايد والوسايط والأسباب، حتى يفتخر الجاهل وينسى الله تعالى بإرخاء الحجاب، فيستخف بالوعيد بذلك والطرد من باب الله الكريم الوهاب، وتقام عليه الحجة يوم القيامة والمآب، فطوبى لمن أتضع له بخفض الجناح ولين الجناب، وكف لسانه وجوارحه فيما يرضيه بالإجتناب، وأقام أوامره كما ينبغي من الأحسن في السنة والكتاب، فماذا القائل يقول بعد قول الله تعالى من جواب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم وإلا فالأصل واحد من تراب، ثم أزكى الصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد الصادق الأواب، وعلى آله الأكرمين وعترته الطاهرين والأصحاب، وعلينا معهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين من الأحباب. أما بعد فيقول الفقير، المضطر لرحمة ربه الخبير، أحمد بن محمد المشهور بالنبر، العباسي نسبا المالكي مذهبا دعاني بعض الأخوان في الله من الأكياس، أن أضع لهم نبذة في صحة نسب بني العباس، فأجبتهم بعد الإلحاح فيما أرادوه بصحيح المقال لقلة من يفرق في هذا الزمان من الناس بين الحق والباطل رجاء لما آمله على الصدق من جزيل الثواب، يوم ينفع الصادقين صدقهم بلا توبيخ ولا عتاب، وأسأل الله تعالى أن يسلك بي لديه أحسن المسالك، ويعيذني بنور وجهه الأكرم عن مورد المهالك، فقد جرت عادة الناس اليوم أن يتكلم كل أحد فيما يشقيه ويسعى بالغفلة عن الله تعالى فيما لا يعنيه ولولا هذا الإعراض عن الله والسفول، لما أفنوا الناس أعمارهم فيما لا يعنيهم من الاسم والفضول، بل لوعلم الإنسان أنه مسئول عن صدقه يوم القيامة، لراقب الله سرا وجهرا وأخلص له في الإستقامة، ولو علم أنه يوم القيامة عن صدقه مسئول، التقى الله سبحانه وتعالى وصدق في القصد في جميع ما يقول، فمن تعطل النيات في صدق القصد مع الله بالخلوص، لا يوجد أحد قط يفزع إلى تقليد الأصول الثابتة في النصوص، وما أدى إلى هذا إلا تخمين العقول في التحسين، والإستخفاف بأمر الله وقلة الإعتنا بأمر الدين، وما هذا إلا من عمى البصاير في الإشتغال بكل وصف ذميم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثم إن السبب الباعث على السؤال والإجابة للأكابر، قول من قال من اشتهروا في البر ببني العباس ذرية عنتر عبس الكافر، أقول معاذ الله هذا قول صدر من شخص جاهل، وافترى الكذب فيما قال عليهم وتعمد الباطل وقلب الحقايق في الأنساب وغيرها محال، وهذا قول صدر من بعض سفهاء الجهال، فنصوص العلماء وعقول العقلاء من أصدق الشواهد على رد قول هذا المفتري الجاحد هذا النسب الصحيح الوارد فكيف يحل لمومن بالله واليوم الآخر تغيير الحسب والنسب المنصوص عليه بقول قبيح لا يجوز لمومن أن يصغى بأذنه إليه وقد تواترت نصوص أهل العلم شايعة في
 8 | ص ف ح ة 
العرب والأعاجم صحة نسب بني العباس في تصنيف كل عالم فمن نص على ذلك وشاع في الأقطار والرياض شهاب أفندي شارح الشفا للقاضي عياض والجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها والبيت الشريف وممن نص على ذلك من العلما الأفاضل السمرقندي في تصحيح أنساب القبايل ثم إنه لم يرد قط عن أهل العلم فرع أو أقل في البر من القبيلة العبسية وهي قبيلة باليمن بفتح العين المهملة والباء الموحدة التحتية وهي التي تنسب إلى عنتر عبس الكافر الملعون فمن أين لهذا القايل من نص يستند عليه غير أنه بجهله مفتون. ونسب بني العباس في تصانيف أهل العلم مشهور فلا يخفى على أحد من أهل العلم كأنه شمس النهار في الظهور وقد تظاهرت بصحة نسبهم وشهرتهم باسم جدهم كل مولف وقال بشرفهم وفاخر حسبهم كل محقق وكل مصنف. وقد طرزت بسيرتهم كبار مجلدات أهل العلم في التصنيف وزينت بمناقبهم غرايب نجايب رموز المصنفين في التأليف ولكن نعوذ بالله من جاهل متمرد تابع هواه ومن عالم يماري الحق بالباطل ولا يخشى مولاه إذ التبديل والتغيير في الأنساب خطره عظيم يترتب عليه في الآخرة الوعيد الشديد والعذاب الأليم. ثم إن سيمة بني العباس هي سيمة أهل بيت النبوة في الغالب، من الديانة والأمانة حيث ما خلوا في المشارق والمغارب، ومكارم الأخلاق في العموم والخصوص منهم سجية، حتى صارت طاعة الله في ظاهرهم وباطنهم جبلية، بل سرت مكارمهم في من أحبهم حسب سنة الله في العادة، فكم من نال بعشرتهم ومحبتهم شرف السيادة والسعادة، أليست هذه الصفات شاهدة على شرفهم وصحة نسبهم شرعا، بل هذه السيمة هي سيمة أهل بيت النبوة قطعا، فوجوب حرمتهم وكافة الآل في الدين مشهورة، فمن أنكر وجوبها كمن أنكر ثبوت ما علم حكمه من الدين ضرورة، وقد كادوا الناس في هذا الزمان يعدونهم من أراذل العرب، مع أنهم أهل ديانة ومكانة بالنبي صلى الله عليه وسلم في شرف الحسب والنسب، ولكن لما اتصف غالبهم بالديانة والأمانة والعفة والنزاهة، وسالمة الصدر عما لا يرضي الله تعالى من كل آفة وعاهة، أمن كل أحد شرهم بعدم تعصبهم على القبايل، ومن ذلك أخذوا يتجرأون ويتجاسرون على أخذ أموالهم بالباطل، ولو أنهم يتعصبون على أخذ حقهم لملأوا العيون بالكيل، ولو عدت خيلهم لبلغت على الأقل مائتي جواد من جياد الخيل، ولو عدوا رجالهم في زماننا الذي أدركناه في الناس، لبلغوا ألف رجل وخمسة ماية على الأقل في القياس، وميراثهم الذي يتوارثونه طبول النحاس، وركوب الصافنات الجياد وأساسهم تقوى الله تعالى والديانة والأمانة من الآباء إلى الأجداد، فأي رذالة لجنس حوى مكارم الأخلاق والمروة، وأي ذلة وقلة لقوم يبلغون هذا العدد في القوة، فأقل منهم في القبايل يوذون عباد الله في الرخاء والضيق، ويغصبون ويسرقون ويقطعون الطريق، فإنا نرى غالبهم في الضيق يموت على عز الأمانة، ولا يمد يده إلى أموال الناس بأقل ما يكون بشيء من الخيانة، والله سبحانه وتعالى بحكمته جعل العز في طاعته مخلوق، كما خلق الذل في مخالفته بالمعاصي والفسوق، فطاعة الله وتقواه
 9 | ص ف ح ة 
موجبان شرعا بالشرف الكامل لا الشرف المنتخب في معصية الله لأذية الناس حاصل وقد قال صلى الله عليه وسلم أشر الناس من يكرم مخافة شره ولكن قد تعاكست في هذا الزمان في الخيرات أكثر الأمور، فصار الذل في طاعة الله عند الناس والعز في معصيته مضمور، وهذا على خلاف ما كان عليه سلف الأمة في الأوايل، فإنه كما في الخبر سيعود الدين غريبا إلى الإنصرام آيل، وقد أورد في ذلك سؤاال أورده بعض المغاربة على القاضي عياض رضي الله عنه حيث قال: يد بخمسة ماية عسجد فديت ما بالها قطعت في ربع دينار تناقض ما لنا إلا السكوت به ونستعيذ ببارينا من النار فأجابه حيث قال: هنالك قد ظلمت فاعتز جانبها وهنا ظلمت وهانت على النار عز الأمانة أغالها وأرخصها ذل الخيانة فافهم حكمة البار فمن أنهم لم يتعصبوا على أخذ حقهم بالقصاص، حط مقدارهم عند جل الناس في هذا الزمان بالإنتقاص، حتى أنه يستعين الطامع فيهم بالصالحين منهم على العوام، أن يمنعوهم عن أخذ حقهم ويخذلونهم عن الإنتقام، فالحاصل أن كل من أمن الناس في هذا الزمان من أشراره، كان له ذلة عند عامتهم وخاصتهم وحط مقداره، ومهما جارت السلطنة عليهم لا يضربون على رقابهم الوظايف، فإن الحسينية بأرض الريف والفادنية بأرض السودان أذل منهم عند كل عامل وكاشف، فكيف وأن هؤلاء هم سادات أهل البيت أهل اليقظة والوظايف والعفاف، وإن كانوا جميعهم من أهل بيت النبوة ومشتركون في حرمة الأشراف، وقد قال الحافظ بن حجر الهيثمي كل علوي بمصر شريف وكل عباسي ببغداد شريف، ثم أن مطلق أهل البيت أشرف الناس في الحسب والنسب والحال، وذرية العباس أشرف أهل البيت بعد ذرية الحسن والحسين في الآل، ومن ثم جعلهم الله تعالى لأخذ ثار الإمام الحسين وغيره من أهل البيت ذخيرة، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى فيما اختصرته من مطولات هذه السيرة، ومن ذلك بشر النبي صلى الله عليه وسلم بملكهم قبل أن يكون في عالم الغيب، وكان ذلك في الوقت الذي أشار إليه صلى الله عليه وسلم بلا ريب. ودعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالمغفرة وإصلاح الحال في اثنا الجواب وان دعاءه صلى الله عليه وسلم عند الله مقطوع بأنه مستجاب وقد فخم النبي صلى الله عليه وسلم مقدار بني العباس عند أولي النهى حيث أهلهم للدولة وأخبر أن من أشراط الساعة أن ترد الدولة لغير أهلها وقد ذم صلى الله عليه وسلم ملك من قبلهم من فجار بني أمية فهم الذين باشروا أذية أهل بيت النبوة بشديد الإهانة لهم والعدية وقال صلى الله عليه وسلم الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يكون ملك عضودا أي ظالما وكما ورد في الأخبار الصحيحة الواردة عنه النبي صلي الله عليه وسلم في فضل بني العباس
 10 | ص ف ح ة 
وشرفهم انه قال أوصاني ربي بذي القربى ثم أمرني أن أبدا بالعباس ابن عبد المطلب وقال صلى الله عليه وسلم يا عباس إن الله غير معذبك ولا أحد من ولدك واخرج ابن عساكر بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم اغفر للعباس ما أسر وما أعلن وما أخفى وما كان وما يكون منه ومن ذريته إلى يوم القيامة وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه أشتمل على العباس وبنيه بردايه أو بمالية وقال اللهم إن هذا عمي وصنو أبي وهؤلاء أهل بيتي فاسترهم من النار كستري إياهم بماليتي هذه وقالت أسكفة من الباب وحوائط البيت آمين آمين ثلاثا حتى سمعوا القوم التامين. وفي رواية أنه ورد هذا الحديث في حق علي وفاطمة وابنيهما وفي رواية وأسامة فاعتمد الحافظ بن حجر في شرح الهمزية أنه ورد في حق العباس وبنيه ولم يذكر الروايتين المتأخرتين وصدر الجلال المحلي في شرح تائية السبكي أنه ورد في حق العباس وبنيه وأخر باقي الروايتين لتصحيح الأولى عنده كما هو معلوم من قواعد المصنفين والله ورسوله اعلم. وأخرج الخطيب وابن عساكر بسنده أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال اللهم اغفر للعباس ذنبه وتقبل منه أحسن ما عمل وتجاوز عن سيئ ما عمل اللهم اخلفه في ولده وأصلح له في ذريته ولا تؤذوا العباس فتؤذوني ومن سب العباس فقد سبني. واخرج الدارقطني بسنده أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ليكون في أولاد العباس ملوك يكونوا أمراء أمتي يعز الله بهم الدين. واخرج الخطيب في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا عباس أنت عمي وصنو أبي وخير من اخلف بعدي من أهلي إذا كانت سنة خمسة وثلاثين وماية فهي لك ولولدك منهم السفاح ومنهم المنصور ومنهم المهدي. وأخرج الرفاعي بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أبشرك يا عم إن من ذريتك الأصفياء ومن عترتك الخلفاء ومنك المهدي في آخر الزمان به ينشر الله الهدى وبه تطفى نيران الضلالة. إن الله افتتح بي هذا الأمر وبذريتك يختم. فإذا علمت هذه الأحاديث في فضل بني العباس وشرفهم في الدنيا والآخرة ونيل كل مامول فالواجب على كل مومن محبتهم وتعظيم حرمتهم وموالاتهم بالإقبال والقبول ومن ثم ثبت لهم من النبي صلى الله عليه وسلم صفات الشرف ولا ينكره أحد من الأوايل من السلف للخلف وقد كان في القرون الأول أنه لا يقدمهم أحد في الترويس في المحافل ولا تقوم للدين قايمة إلا بأمرهم ونهيهم في واسع الأقطار طايل وقد كانت تحت دولتهم وحكمهم حيث ما بلغ الإسلآم واستمرت خلافتهم في الملك إلى قريب من تسعة ماية سنة في الأعوام، وذلك من قرن تابع التابعين هم أئمة العدل والعلم في المسلمين إلى آخر القرن العاشر وهو الذي أدركه الشيخ خليل في أهل العلم المصنفين ولذلك اشار رضي الله عنه حيث قال في مختصره وهل هو العباسي أو إمام الصالة قولان، وشهد على جميع ما قدمته آنفا على شرف بني العباس كل من له قدم صدق في طريق الله والرسول كما صرحت به فتاوى أهل العلم في التصنيف والنقول ولو لا أني خشيت من شقاوة الخلق بسبهم واستخفاف حرمتهم بقلة الرعاية لما بسطت
 11 | ص ف ح ة 
القول في شرفهم وفاخر حسبهم إلى هذه الغاية فبينت ذلك لمن أراد أن يكتسب بحبهم الغنيمة ويسلم من ما يقع الناس فيه من الخسران والصفات الذميمة. ثم والله العظيم إني قصرت القول في شرفهم عما انتهى إليه فهمي وعما وقفت عليه من النصوص الواردة في فضلهم في اطلاع علمي. فمن أراد الزيادة على ما ذكرته من هذا الرسوم فلينظر في تاريخ الخلفا للسيوطي وفي كتيب ذخيرة العلوم كما طرزت فيهما من فضة غريبة الغرايب وكم زينت بشرفهم ومفاخرهم فرايد العجايب. فمن أحبهم قد شرب في منهال السعادة بالكاس الأصفى واكتال في الخيرات ونيل البركات بالجريب الأوفى، بل لو لم ترد فيهم من النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأخبار بالخصوص لأيسوا هم من أهل بيت النبوة الذين خصوا بطهارة القلوب على العموم والخصوص وإنما هم ممن وجب حرمتهم بقول الله تعالى قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى وقول النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا يبغض أهل البيت أحد إلا أكبه الله في النار وقوله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احد بي حتى يحبني ولا يحبني حتى يحب ذوي قرابتي، أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدو لمن عاداهم. ألا من آذى قرابتي فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله، وقوله صلى الله عليه وسلم إن مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك. والحاصل أن حرمة آله صلى اللهعليه وسلم في القول أصلية وحرمة غيرهم من أهل الديانة ناشئة عن حرمتهم فرعية. وقد قال صلى الله عليه وسلم وعدني ربي في أهل بيتي أن من أقر منهم بالتوحيد ولي بالبالغ أن لا يعذبهم. وقد قال صلى الله عليه وسلم لأهل بيته لو أخذت بحلقة الجنة ما بدأت إلا بكم وقال تعالى في حقهم في هذا المعنى وغيره لنبيه صلى الله عليه وسلم أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى وقد خص الله تعالى أهل بيت النبوة بجميع المكارم والعفة والنزاهة والتباعد عن مجالسة كل ظالم والرأفة والشفقة على المسلمين وسعة الرحمة والقلب السليم حتى فاقوا على غيرهم في جميع الخيرات وفاق كرمهم على كل كريم. وقال الله عز من قائل إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم إن الله اصطفى من العرب كنانة واصطفى من كنانة قريش واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم فانا خيار من خيار وأنا سيد ولد آدم ولا فخر أو كما قال. فقد بين صلى الله عليه وسلم شرفه وشرف أصوله في القبايل وهذا من الأمر الواجب عليه بيانه بالبالغ لكل عاقل وكل أصل من هذا الأصول من القديم إلى الجديد بالخير محمود بشرف الدنيا وبشرف الآخرة ولين الجناب وخفض الجناح والكرم والجود ومن هذا أخبر صلى الله عليه وسلم أصحابه انه لا يصلح للرئاسة إلا قريش حيث قال صلى الله عليه وسلم قدموا قريشا ولا
 12 | ص ف ح ة 
تتقدموها أو كما قال. ثم إن بني هاشم أزكى قريش في مكارم الأخالق فخرا وأعلاهم عند الله تعالى وارفعهم لديه ذكرا وقدرا وفي ذلك انشد بعضهم حيث قال
 قل للذي طلب السماحة والندى
 هلا مررت بآل عبد مناف 
الرايشين وليس يوجد رايش 
والقائلين هلم للأضياف
 والخالطين غنيهم بفقيرهم 
حتى يكون فقيرهم كالكاف 
والقائلين بكل وعد صادق 
والراحلين برحلة الإيلاف 
عمر العلا هشم الثريد لقومه
 رجال مكة اشرف الأشراف 
سفرين بينهما له ولقومه 
رحلة الشتاء ورحلة الأصياف
 وبالجملة إن الإنسان من حيث هو أصله واحد لا شرف لأحد على غيره إلا بمكارم الأخالق والمحامد وقد قال علي ابن أبي طالب كرم الله وجه سادات الناس في الدنيا الأسخيا وسادات الناس في الآخرة الأتقيا قال الله تعالى يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم 
الآية وقال صلى الله عليه وسلم الرب واحد والأب واحد والأم واحدة فمن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه. وقد جمع الله الشرفين في الغالب لأهل بيت النبوة بالأمانة والديانة والعفة والنزاهة والمروة. حكي انه لما حج هشام بن عبد الملك ابن مروان في أيام ولاية أبيه طاف بالبيت الحرام وجهد أن يستلم الحجر الأسود فلم يقدر من شدة الإزدحام فنصب له منبرا وجلس ينظر إلى الناس ومعه جماعة من أهل الشام فبينما هم كذلك اقبل الإمام زين العابدين بن الإمام الحسين رضي الله عنهما وكان من أحسن الناس وجها وأطيبهم أرجا طاف بالبيت حتى انتهى إلى الحجر الأسود فتنحى له الناس حتى استلم الحجر الأسود فقال رجل من أهل الشام من هذا الذي هابه الناس كل الهيبة فقال هشام لا اعرفه مخافة أن يرغب فيه أهل الشام، وكان ابا فراس الفرزدق في ذلك المجلس فقال أنا والله اعرفه فالتفت إليه الشامي فقال من هو يا أبا فراس فانشد فقال 
هذا سليل حسين وابن فاطمة
 بنت الرسول الذي انجلت به الظلم 
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته 
والبيت يعرفه والحل والحرم 
هذا ابن خير خلق الله كلهم 
هذا التقي النقي الطاهر العلم 
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله 
بجده أنبياء الله قد ختموا 
من يعرف الله يعرف أولية ذا 
والدين من بيت هذا ناله الأمم 
فليس قولك من هذا بضائره
 العرب تعرف من أنكرت والعجم
 يكاد يمسكه عرفان راحته 
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم 
إذا رأته قريش قال قايلها 
إلى مكارم هذا ينتهي الكرم 
13 | ص ف ح ة 
كلتا يديه غياث عم نفعهما 
يستوكفان ولا يعلوهما عدم 
ما قال ال قط إلا في تشهده 
لولا التشهد كانت لاؤه نعم 
حمال أثقال أقوام إذا حضروا 
حلو الشمائل تحلو عنده النعم 
ينشق نور الهدى من نور غرته
كالشمس ينجاب عن إشراقه الظلم 
في كفه خيزران ريحه عبق 
من كف أروع من عرنينه شمم 
يغض حياء ويقضي من مهابته 
فما يكلم إلا حين يبتسم 
لا يخلف الوعد ميمون نقيته 
رحب القنا أريب حين يعتزم 
من معشر حبهم دين وبغضهم 
كفر وقربهم منجى ومعتصم
 إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم 
أو قيل من خير الأرض قيل هم 
يأبى لهم أن يحل الذل ساحتهم 
خيم كريم وأيد بالندى هضموا 
لا يستطيع جواد بعد غايتهم 
ولا يدانوهم قوم وإن كرموا
لا ينقص العسر بسطا من أكفهم 
سيان ذلك إن أيسروا وإن عدموا 
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت 
والأسد أسد الشرى والباس محتدم
 مقدم بعد ذكر الله ذكرهم
 في البر والبحر مختوم به الكلم 
فلما سمع هشام من الفرزدق هذا الكلام غضب عليه وحبسه وبعث إليه الإمام زين العابدين رضي الله عنه اثني عشر ألف درهم ورده الفرزدق وقال إنما مدحته لله لا للعطاء والصلة وقال الإمام زين العابدين إنا أهل بيت إذا وهبنا شيئا لا نعيده فقبلها الفرزدق. انتهى بمعناه من كتاب إعلام الناس بما جرى على البرامكة من بني العباس فأشار الكمال الدميري في حياة الحيوان لهذه القصيدة فقال إن الفرزدق مدح الإمام زين العابدين بقصيدة يستوجب بها الجنة والله ورسوله أعلم. وقد طهر الله قلوب أهل بيت النبوة وأودعها جميع الصفات الكريمة، حتى كانوا بالثبات في دين الله تعالى كالجبال الرواس بالنفوس المطمئنة المستقيمة. 
وقد ذكر السمرقندي من أهل بيت النبوة في بر السودان الفادنية وحرر نسبهم إلى الإمام محمد بن الحنفية ابن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وذكر العباسيين وحرر نسبهم إلى الخليفة عبد الله أبي جعفر ابن محمد بن علي ابن الإمام عبد الله ابن العباس رضي الله عنه، وذكر الركابيون وحقق اتصال نسبهم للشيخ أحمد ابن عمر الزيلعي ويتصل نسبه على الصحيح بالعقيل ابن أبي طالب. فهذه الأنساب الثلاثة في البر مشهورة بالدين، ومن عصر إلى عصر بمكارم الأخالق متصفين. ومما عثرت عليه من أولياء الله على صحة نسب بني العباس إلى جدهم العباس بالكشف الصحيح، الذي تطمئن به القلوب المضطربة وللعقل والبال تريح، فأول ما سمعته تفرس على صحة نسب بني العباس الشيخ محمد بن الطريفي رضي الله عنه ونحن إذ نقرأ عنده في المجلس في مصرف الزكاة من مختصر الشيخ خليل، وفي
14 | ص ف ح ة
 ذلك معي من الفقراء في المجلس جمع كثير من أهل القرن في الجيل، عند قول المصنف وعدم بنوة لهاشم والمطلب وذلك لما فهمت أنه لا تجوز شرعا صرف الزكاة على بني هاشم ولا قبولها لحرمة مطلق الصدقة عليهم كما سيقول المصنف في باب الخصايص وحرمت الصدقتين عليه وعلى آله وكلام المصنف فيه تسامح فإن أهله صلى الله عليه وسلم هم بنو هاشم فقط دون بنو المطلب وكان حق المصنف أن يقول وعدم بنوة لهاشم لا المطلب كما صوبه الأشياخ. فلما علمت حرمة الزكاة على بني هاشم قلت في سري كيف أصنع في هذه المسألة التي لا محيص عنها لأحد إلا بفضل الله تعالى إن صحت نسبتنا لبني هاشم وكيف وآباؤنا يقبلون الزكاة وهم علماء أمناء فهل يقبلونها بقول في العلم شاذ ضعيف، أو يقبلونها تعديا لحدود الله تعالى بالجراءة والتحريف، أو هم يعلمون أن نسبتهم غير صحيحة للعباس بن عبد المطلب، أم كيف أصنع في هذه المسألة وقلبي في ذلك مضطرب حتى إنه إذا كاد ينقضي ذلك المجلس، وأبى هذا الخاطر يندفع في كل حين بالإضطراب يهجس. فرأيت الشيخ نظر إلي وتبسم حتى ظهرت ثغور أسنانه المليحة فقال يا إبني إن نسبتكم إلى جدكم العباس صحيحة ولكن شرط حرمة الزكاة على بني هاشم إن كانوا يعطون من بيت المال، وإلا جازت لهم كما جازت لغيرهم في الشرع بلا إشكال. ومن ذلك المجلس استراح عقلي بكشفه الصحيح بصحة النسب والجواز، بعد جولانه وتردده كتردد الخيل في البراز. فياله من شيخ كان فايقا في عصره لأولياء الله، خبير عليم بأحكام دين الله، وهو إلى الله تعالى بسره ينطق بكشف صحيح بنور الله. ثم أذكر أبياتا له تلذذا بذكره وتوسلا مني إلى الله تعالى بسره وهي هذه
 أيا من لكل الشيء ملكك حـاويا
 أنت الــودود فلا نــود سـواك
 أنت السميع لنـاطــق ولأبـــكــم 
أنت المجيب لمن يكون دعاك 
أنت الــذي يرجع إليــك مـآبنــا 
مهـمـا نـكــون فإننــا نرجــاك 
أنت الكريــم فلا أكون مؤيســـا
 فسأرتجي دومــا لنيل عطـاك 
اذهب لضيقي يا علي إذا أتـــى 
محقا فامحقه بسيف قــضــاك 
واكشف لهذا الأمر المهمم قلبنا 
يا خــالــق الأملاك والأفـلاك 
يا خالق الخـلق الجميع مؤكـــدا 
حقــا بلا نـكران ولا إشكـــاك 
فارزقن ما يرضي فوادي نيله
 يا رب بالمنزول ثم سماك 
واشف يا رب من السقم الذي 
في القلب اذ جمعت طلبت شفاك 
واغفر ذنوبي كلها يا خالقي 
واشغلني فيما قد يكون رضاك 
ثم الصلاة مع السلام على الذي 
أقام القويم وأبطل الإشراك 
15 | ص ف ح ة 
وكذاك آل والصحابة كلهم 
والتابعين لطرقهم سلاك 
ناظمه يا ذا قد يعرف اسمه 
بمحمد يا قاريا فعساك
 تذكره في وقت التقرب بالدعا
 إن رمت ذا فعلي الكريم جزاك 
عركي نسبته أتي لك مخبرا 
يا قارئا اذكره إذ أوصاك 
فالنسب منه قد أتى به عايدا
 لتحقق التعريف قد ابناك 
انتهى كلامه رضي الله عنه، وإن ذكره بأنه عركي مما اشتهروا به بالشهرة والا فإنهم من ذرية الإمام الحسين أشراف أخذتهم العشرة. وأيضا ممن تفرس على صحة نسب بني العباس بصحيح الفراسة الفقيه حمد المشهور بالمكاشف تلميذ الشيخ أحمد بن الطريفي أخي شيخنا المذكور بالسياسة رضي الله عنهم أجمعين، وذلك أنه دعاني بعض الإخوان إلى زيارته ولم أكن رأيته قبل ذلك فقلت له إني لم ار هذا الرجل قط والآن إن شاء الله قصدناه بالزيارة لعلنا ننتفع بقول نسمعه منه من بركة سره الذي اشتهر به في الكشف ونحن إذ كلنا في ذلك الوقت جمعنا الله بمدينة سنار كل أحد بقصده كما جرت منه سبحانه على عباده الأقدار فقلت يا أخي أتدري منزله قريب أم بعيد فقال ال إلا أنه قيل قريب من هذا المنزل قرب أكيد فسألنا عن منزله رجل أمي كان يحضر معنا المجالس سنين وقال نعم أنا أخبر منزله واوصلكم إليه هذا الحين. فقمنا معه فلما وصلناه ابتدرته قبل الفقراء الذين معي بالسلام فأردت أن أقبل يده تبركا به لكبره وسنه في الإسلام فمنع السلام على يده وقبلت رأسه بالوداد وقال لي مرحبا بك يا فقيه أحمد ابن محمد ابن الأسياد. أأنت عباسي أم رباطابي؟ فقلت له إن صح النسب عباسي. فقال نعم إنك عباسي ومسك يدي وقبلها ولم يطلقها ثم شرع في الكلام وقال لي أنتم ساداتنا يا فقيه أحمد، قلت وبم ذلك؟ فقال إن أجدادنا كبار جعل لما أرادوا الخروج إلى أرض المغرب قالوا للخليفة هارون الرشيد اعطنا من يعلمنا دين الله من علماء بني العباس ونعطي أهلهم المال الجزيل فأعطاهم سبعة من أهل العلم وهم أجدادكم وأنت من نسلهم وكل عباسي في أرض السودان من نسلهم ثم إنه نطق بأمور وأسرار غريبة وطال في القصة حتى تكلم بأحوال عجيبة. ثم انه طلق يدي وكان ماسكا بها حتى أتم القصة ثم سلم عليه الأخ الذي دعاني لزيارته وبعده سلم عليه الرجل الذي دلنا على منزله ثم بعد السلام أمر ابنا له معه أن يأتي لنا بالفراش والطعام وعبارته التي يسرها الله أشد فكرا فعجبت في سري من معرفته لاسمي واسم أبي من غير معرفة سابقة ولا إخبار أحد له بذلك فياله من رجل كامل أديب لكونه راعى سيادة مات أهلها وفات زمانها والله ورسوله أعلم. استيقنت في نفسي بصحة هذا النسب لا محالة بكشف هذين الرجلين قبل أن أطلع على تصحيح العلماء بالنصوص في المقالة. 
16 | ص ف ح ة 
وشرف بني العباس قديما وحديثا مشهور حتى كأنه شمس النهار عند ذوي العلم في الظهور. وحكي لي بعض الثقاة أن فقيها من ذرية العالم المشهور في التصانيف مكي ابن فريعة بجنبه عشير لبني العباس ولذلك العشير دين على ابن الفقيه المذكور تمطل عليه حتى آل المطل إلى تطاول الأنساب بينهما، فتكلم العشير بكلام على صاحبه حتى أغضبه فقال له مثلك كيف يتجاسر علي بهذا المقال وأنت وضيع ابن وضيع وأنا أشرف منك. فقال له نعم إنك أشرف مني بدين الله أنت فقيه ابن فقيه. فقال له شرفي عليك لا بدين الله وحده بل أنا أشرف منك أصلا وفرعا. فقال له لو كان أصلك يكون أشرف من أصلي ربط كذا وكذا من المال فوافقه على ذلك. وسمع بهما في حينه جندي الحلة في نواحي مدينة اربجي وحبسهما معا في بيت واحد وأرسل أمينه إلى علماء اربجي فأشاروا جميعا إلى عالم يقال له الفقيه بلال المصيقيع بتشديد الالم الأولى فلما جاءه وسلم عليه وقال له الشيخ فلان يقريك السلام ويقول لك أفصل بين هذين بينهما رباط في شرف النسب. وسأله عن نسبهما فقال له أحدهما عباسي والآخر رباطابي، فقال له من أي الرباطاب في القبايل فقال له إنه من قبيلة جعل المشهورة، فقال له أشرف العباسي. فلما قدم السائل إلى الجندي وأخبرهم بما قال العالم انتصر العباسي على صاحبه كما هو عادة الرباط فقال له من يعرفك أنك عباسي فصغى الجندي إلى قوله فقال يعرفوني بني العباس الذين هم في المحل الفلاني على مسافة يوم فأرسل الجندي راحلته إليهم مع الرسول السابق وقال له أحضر أكابر الفقهاء واسألهم عنه هل يعرفون نسبه أنه منهم فأغاثوه بمجرد العشرة لخبر من أحب قوما فهو منهم فقالوا بحضرة أكابر الفقهاء الذين هم شيوخ البلد نعم إنه ابن عمنا عباسي وكتبوا مكتوبهم إلى الجندي وانتصر العشير حينئذ بعد ما كاد ينكسر. والعجيب من هذا الفقيه أن يعترف له صاحبه بشرف دين الله تعالى ولم يقنع منه ويطلب شرفا سواه حتى وضعه الله وأتته مضرة المالين مال الدين ومال الرباط. ولله در من قال من أهل العلم في هذا المعنى
 لعمرك ما الإنسان الا ابن دينه 
فلا تترك التقوى اتكالا على النسب 
فقد رفع الإسلام سلمان الفارسي 
وقد وضع الشرك النسيب أبي لهب 
ثم لولا استخفاف الجهال بهذا النسب الأصيل لما ذكرت من هذه العبارة كثير ولا قليل، فإن كان الله أكرم بتقواه ذوي الألباب، فإن مرجع الكل بعد الموت إلى التراب، والتميز أنما يكون يوم العرض للمتقين بالكرامة، والمتكبر ينال يومئذ شديد الغبن والحسرة والندامة. 
17 | ص ف ح ة 
وقد عثرت بسيرة بخط دارس في نسبة من كتب الأجداد أنه لما حج جدنا الولي الكامل الحاج الكبير جد جدنا الولي محمد الذي هو جد جدنا الشيخ أحمد البولاد رضي الله تعالى عنهم أجمعين، اجتمع بعالم في وفد من أشراف المغرب، وجدنا المذكورفي وفد من أهل العلم من بني العباس فغبطهم الفاسي في العلم والكرم وتواضعهم لله تعالى ولين الجانب للعباد، فأقبل عليهم بالتآلف والتعرف ولاحظهم بعين الحرمة والوداد فقال لجدنا من أين أنتم ما رأيت مثلكم سيمة قط في مكارم الأخالق، إني أراكم في الديانة كلكم سادة على الإطلاق، وإن من القديم هذه السيادة الكاملة في العلم وتقوى الله والمروة، لا تخرج أبدا إلا من بيت النبوة، الذين هم حازوا سيادة الدنيا وما لهم في الآخرة عند الله أعظم، وما ذلك إلا لأنهم غرفوا من فيض نوره صلى الله عليه وسلم، وفاق حسبهم ونسبهم على كل حسب ونسب، وكانوا واسطة لغيرهم في نيل كل مطلب وأرب، وحازوا جميع المحامد والأخلاق الطاهرة الكريمة، وخصهم الله تعالى بالنفوس المطمئنة الزكية والقلوب السليمة، فأجل الله في الدارين مقدارهم وزاد ذكاءهم على ذكاء الناس فهما. ثم قال وأنشد في أثناء جوابه هذه الأبيات:
الحمد لله أهل الحمد وهو الكاسي 
ثوب المحامد من خصه في الناس 
وصلى الله ربـــي ثـــــم ســــلــم 
على طــه الشــفيع من المـقـــاسـي 
وثم عـــلى آله والصحب أيضا 
كما النجوم من الضلالة بارتجاس 
أمـــا بــعــد يـــا ســـيدي مسئول 
مــن أي أنــتــم ســـادة الأجــنـــاس 
من أهل الــديـانة والمـكـانة بالنبي 
مـن آل عـلي أو عـمه العـباس 
لهـم الكـرامة بالمحامد كـل عـصـر 
ولــهم الطهارة في المكارم مــن أساس 
ولهم شرف يطول لكل فضل أســاس 
ولهم المزية بالنبي مع ارتياس 
فــحــبهــم وســيلــة كــل خــيــر 
وبغـضهم يعمي البصائر بانطماس 
أجـــب يا ولي إلى السؤال ولا تخيب 
رجــــاءا مــن وداد بلا الــتــمـــاس 
وغـيــر ربـي لا أروم بصدق قصدي 
مــعــاذ الله أن أزيــغ بانعــكــاس
 وصــلاة ربــي بالســـلام على محمد
 من قبل آدم في البداية والنفاس 
والحمد شكر يحيط بكل عد 
يـــدوم مــع الــبــقـــاء بـإنـهـجــاس 
ثم إنه رد عليه الجواب على أحسن حال مخبرا بشرف أهل البيت حيث قال:
الحمـد لله عــلـــى نعمة الأنــفــاس 
وعلى كل نعمة في العلم والإحساس 
وصــلــى وسـلـم عــلى المصطفى محمد 
شــفيع الأنام من الوعيد بيوم باس 
وآلــه وثم الــصــحب طرا 
وعــلــيــنــا تعم بالكــرامــة في المقـاسي
 أما بــعــد أصــل الــعــز تــقــوى الله
 طــوبــى لــمــن يخشى الله في الأجنــاس
 18 | ص ف ح ة
 فمن الجهالة والبلية وصــف كــبـــر
 إن حــل القـلــب ضــل مــن ابــتـلاس 
وإذا كــان إلى التراب مصير خلق 
فــالــرفــيع كما الوضيع من الخسـاس 
وأخـبـر الـذكــر الحـكـيم فصيح آي 
أن تــــقــــوى الـلـــه لـلـخـيرات رأس 
سادوا بها آل النبي لكـل جنس 
لهم رتب على الملوك من الأساس
 لهــم الديانة والأمــانــة والصفــاء
 كأنهم الذهب الخزين مع النحاس 
لهم الشجاعة في البرية أهل عزم 
وصبر جميل بالشدايد كالرواسي 
لهم المكارم والمحامد فيض جود 
وقود على المراد بإنسلاس 
لهم بيت النبوة خير بيت 
خصوا بالعوارف والمعارف وافتراس 
لهم الوداد على المكلف فرض عين
 به نطق الكتاب العزيز هو الأساس 
لهم نحن مدى الزمان حنين ثكل 
بصدق ود كالصلاصل بالجراس 
طوبى لمن بالصباح لهم يوالي 
بالتعهد أو يكون لهم مماسي 
فحبهم كل السعادة يا أخلاء 
وبغضهم كل الشقاوة وانطماس 
بهم النجاة لمن يروم ونيل زلفى 
فهم الذخيرة في المهمة لانتفاسي 
بهم نرجو كرامة كل سر 
بلا كآبة في الحياة ولا اتعاس 
بهم نفوز بهم نجوز بهم نفاشي
 اللهم حقق الرجاء بلا انعكاس 
فيا سبط النبي المكرم في السماء 
يابن الأكارم أكابر أهل فاس 
فلقد سألت عن الأصول ألي أصل 
وحق جدك للإجابة ليس ناسي 
من نسل هارون الرشيد أصيل جد
 إليه نعزى في الجدود بلا التباس 
فينا ورد الصحيح بقول صدق 
بشر حيث قال لعمه العباس 
إذا مضى قاف ثم ألم ثم هاء 
من السنين آن لعترتك ارتياس 
تنتهي لهم الخلافة أهل عدل 
لهم المعزة وللديانة خير ناس 
وأسند الخبر الصحيح فحول علم 
بهم دين من الأمانة لانهماس 
فوقع المشار على الحقيقة منه 
وعد صدق النبي بما يقول باقتباس 
ولكن لما أن تداولت الليالي 
أردتم تطؤونا جفا تحت المداس 
أبى الله نعيش بعيش ذل 
كما عاشوا الأراذل في انبخاس 
أليس لنا بيت النبوة كهف عز 
ومنا الأولياء الأصفياء عن الأدناس
 فلقد قطعتم للمودة وصل رحم
 ونحن أهل للطبول من النحاس
 أنسيتم ضيم بنو أمية يوم عاثوا
 بما يهول من العظائم في المقاسي 
ولم يبالوا عند ذلك بقبح فعل 
في قطعهم رأس الحسين بانحساس 
وأصروا على التمادي بقتل زيد 
على أشر الأذية في ارتماس 
فيومئذ من الكآبة كيف كنتم 
من أهل قلب بالجسارة كان قاسي 
ولم ترموهم بالشتات لجمع شمل 
في سوء فعل والخواطر في انهجاس
 19 | ص ف ح ة
 فصبركم إذا لا محالة رغم أنف 
بالضيم نمتم لا اقتحمتم من نعاس
 فقمنا عليهم بالقصاص لأخذ ثأر
وافنا الصبر على الإهانة والتناسي 
وصلنا عليهم بالصوارم طول أيد
 حتى شربوا كأس الموت بماء ياسي 
وفي ثأر زيد لا نبالي بأي قتل 
وفي ثار حمل والرضيع من النفاس 
وفي الحسين فلا نبالي بقتل قوم 
بلغوا في الجراءة كل غاية في الخماس
 وفي ثار الحسين فلا نبالي بأن نصول 
وفي ثار الحسين فلا نبالي بقطع راس 
وحملنا عليهم هاشمية سفح سيف 
سفكا بكل مهند يقطع يواسي 
فأرحنا لكم من أذية كل باق 
وكل عاد بالإساءة كان آسي 
ومهدنا لكم فخرا يطول بكل عصر 
وكاد يخفض لا محالة باندراس 
فسر عقل الجميع كيوم عيد 
أو الزفاف أو المدامة شرب كاس 
فلا رعيتم ما نراع بصدق ود 
وجازيتم على الجميل باختلاس 
ويأبى الله أن يحل بأهل بيت 
ذل يجر إلى التملق وانتكاس 
ولكن الدنية دار شوم 
كم وضعت للملوك عن الكراسي 
ونسأل الله أن يتم لكل قصد 
مهما نروم هو الولي بلا إياس 
وأن يديم إلى النجاة بكل صبح 
وكل مساء لا نساء بإنبآس
 وأن يمن بما نؤمل منه زلفى
 إلى أن نجوز على الصراط بلا مساس
 وأختم بالصلاة والسلام على محمد
 يستوكفان مدى الزمان من التماس
 وعلى آله الكرام وكل صحب 
كما الكواكب من النجوم من اكتناس 
وأثني على الرب الجميل بكل حمد
 شكرا يدوم بلا قصور على العطاس 
ومن حق أن هذا الجد المذكور أشار إلى نكاية بني أمية إلى الفاطميين في زمن توليتهم للدولة بشديد الإهانة والأذية وجزى الله تبارك وتعالى أجدادنا في قتلهم خير الجزاء الوافر حتى لم يبقوا منهم نافخ نار في ثار السادة الأكابر. قال الحافظ بن حجر الهيثمي رضي الله عنه في شرحه على الهمزية الذي سماه في وضع تأليفه المنح المكية وقد وقع من خلفاء بني العباس الذين هم من جملة أهل البيت من أخذهم ببعض ثار ابن عمهم الإمام الحسين وغيره من آل البيت بالخروج على بني أمية لأنهم عاثوا وجاروا ولم يراقبوا الله ورسوله طرفة عين في أهل البيت الطاهرين المطهرين الجامعين بين العلوم الشرعية والمعارف الربانية والأسرار الإلهية والكرامة الباهرة والمعالي الفاخرة فنزعوا الخلافة منهم بعد أن نصرهم الله عليهم فقتلوهم اشر قتلة ثم لا زالوا يتتبعونهم حتى قطعوا دابرهم عن آخرهم فقطع دابر القوم الدين ظلموا والحمد لله رب العالمين. 
20 | ص ف ح ة 
ثم وقال هذه القصة مبسوطة في كتب التاريخ ولكنه لوح لها فيما مر حيث قال وكان قتل الإمام الحسين رضي الله عنه أن يزيد لعنه الله لما استخلف سنة ستين أرسل لعامله بالمدينة الشريفة أن يأخذ له البيعة على قتل الإمام الحسين، فلما سمع الحسين بذلك فر إلى مكة خوفا على نفسه فأرسل إليه أهل الكوفة أن يأتيهم فيبايعوه ويمحي ما هم فيه من الجور فنهاه عن ذلك ابن عباس وبين له غدرهم وقتلهم لأبيه وخذلانهم لأخيه فأبى فبكى ابن عباس وقال واحسيناه ثم أمره أن لا يذهب بأهله إن ذهب فأبى وقال له ابن عمر نحو ذلك فأبى فقبل ما بين عينيه وقال استودعتك الله من قتيل وكذلك نهاه ابن الزبير فأبى بل لم يبق بمكة أحد إلا حزن لسيره ولما بلغ أخاه محمد ابن الحنفية بكى حتى ملأ طشتا بين يديه، ثم قال وقدم أمامه مسلم بن عقيل فبايعه أهل الكوفة اثنا عشر الفا فارسل يزيد لعنه الله عبد الله ابن زياد لقتله وسار الحسين غير عالم بذلك فتلقاه الفرزدق وقال له إن قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية والقضاء ينزل من السماء. ولما قرب من القادسية تلقاه من أخبره بقتل مسلم ابن عقيل فهم بالرجوع فقال له أخو مسلم لا حتى نأخذ بثارنا أو نقتل فسار حتى لقيه اوايل خيل ابن زياد فعدل إلى كربلاء فجهز إليه ابن زياد عشرين ألف مقاتل فقاتلوه فثبت في ذلك الوقت ثباتا باهرا ولولا أنهم حالوا بينه وبين الماء ما قدروا عليه. ثم لما استحر القتل في أهله حتى بلغوا خمسين صاح اما ذاب يذب عن حريم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليه يزيد ابن الحارث رجاء شفاعة جده فقاتل بين يديه حتى قتل ثم أفنى أصحابه وبقي بمفرده فحمل عليهم وقتل كثيرا من شجعانهم فكثروا عليه حتى حالوا بينه وبين حريمه فصاح وقال كفوا أسيافكم عن النساء والأطفال فكفوا فلم يقاتلهم حتى أثخنوه بالجراح فقد طعن بالرمح إحدى وثلاثين طعنة وضرب بالسيف اربعا وثلاثين ضربة ومع ذلك غلب عليه العطش حتى سقط على وجه الأرض فحزوا رأسه يوم الجمعة عاشر المحرم إحدى وستين. فلما وضعه قاتله بين يدي عبد الله ابن زياد واحتج بأنه قتل خير الناس فأمر بضرب عنقه وقال له إذا علمت بأنه كذلك لم قتلته. فقتل مع الحسين من إخوته وبنيه وبني أخيه الحسن ومن أولاد جعفر والعقيل تسعة عشر رجلا، قال الحسن البصري ما كان لهم على وجه الأرض شبيه. وجعل ابن زياد يضرب ثنايا الحسين بقضيبه ويدخله في أنفه ويتعجب من حسن ثغره فبكى أنس وقال أشبههم برسول الله صلى هللا عليه وسلم وقال زيد أبن أرقم ارفع قضيبك فوالله طال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أقعد حسنا على فخذه الأيمن وأقعد حسينا على فخذه الأيسر ثم وضع يده الكريمة على نافوخيهما ثم قال اللهم إني استودعتك إياهما وصالح المومنين فكيف كان وديعة النبي صلى الله عليه وسلم عندك يا ابن زياد.
 21 | ص ف ح ة 
ثم جهزه مع رؤوس اصحابه وسبايا الحسين إلى يزيد فلما وصلوا اليه جعل ينكث الراس بالخيزران ويضرب ثنايا الحسين بالقضيب والعجب كل العجب من ضرب يزيد ثنايا الحسين بالقضيب وحمل آل النبي صلى الله عليه وسلم على اقتاب الجمال موثوقين بالحبال والنسا مكشفات الوجوه والرؤوس ولا عجب فإن يزيد لعنه الله قد بلغ من قبايح الفسق والإنحلال عن التقوى مبلغا لا يستكثر عليه صدور تلك القبايح، بل قال الإمام أحمد بن حنبل بكفره وناهيك به ورعا وعلما إلى أن قال وقد بيعت في عسكر القرمضي لعنه الله الشريفة باربعة دراهم والشريف بدرهمين لكثرة من سباهم. ثم قال فلما وصل راس الحسين وسبايا أهله إلى يزيد لعنه الله قال قايل منهم الحمد لله الذي أمات قرن الفتنة، وقال لهذا القايل الإمام زين العابدين وكان صبيا يومئذ مسبيا ألم يسمعوا قول الله تعالى: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، فقيل له هل هي نزلت في حقكم فقال نعم. وقيل إنهم لما نزلوا براس الإمام الحسين في بعض المنازل خرجت يد من الجدار فيها قلم كتبت على جبهته سطرين بمداد دم فكيف ترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب ثم قال ومما ظهر من الآيات يوم قتل الحسين أن السماء قد أمطرت دما حتى لا يكاد يرفع حجر من الأرض إلا وتحته دم غليظ وأن الورس قد انقلبت رمادا وأن السماء قد أظلمت ثلاثة أيام واشتد الظلام حتى رؤيت النجوم لانكساف الشمس حينئذ عاشر المحرم وخسفت القمر ومنذ ما خلق الله الدنيا ما اجتمع خسوف القمر وكسوف الشمس إلا يوم الإمام الحسين وأظلم الجو حتى ظنوا الناس أن القيامة قد قامت واحمر الأفق ستة أشهر ثم بقيت الحمرة في الشفق إلى الآن إلى أن قال محمد ابن سيرين إنها قبل ذلك لم تكن ثم قال وروى الشعبي رضي الله عنه أن عليا كرم الله وجهه مر بكربلاء عند مسيره إلى صفين فوقف وسأل عن اسم هذه الأرض فقيل له كربلاء فبكى حتى بل الأرض دمعه ثم قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي فقلت ما يبكيك فقال كان عندي جبريل آنفا وأخبرني أن ولدي الحسين يقتل بشاطئ الفرات بموضع يقال له كربلاء ثم قبض جبريل قبضة من تراب شممني إياها فلم أملك عيني أن فاضتا. وفي رواية أن ملك القطر جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره أن الحسين مقتول وأراه من تربة الأرض التي يقتل بها واعطاه لأم سلمة وأخبرها أن يوم قتله يتحول دما فكان كذلك كذا جاء في بعض الطرق. انتهى كلام ابن حجر بعضه بلفظه وبعضه بمعناه. ثم استمروا بنو أمية بعد قتل الإمام الحسين على أذية أهل بيت النبوة بشديد الجراءة والخسارة واقتحموا في ذلك عظايم أوجبت لهم اإلهانة عند الله تعالى واللعنة
22 | ص ف ح ة
 والحسارة إلى أن قتلوا زيدا ابن الإمام زين العابدين ثم إنهم بالغوا في الأمر ونبشوه بعد دفنه من القبر وصلبوه على خشبة عريانا مجردا عن كفنه ثم نسجت العنكبوت في الحين وسترت ما بين سرته وركبته فلما رأوا ذلك علموا أن الله تعالى لم يرض بهتك حرمته فشمعوه واحرقوه وقطعوا ثدي أم ولده فلما فعلوا تلك الأفعال القبايح ولم يراعوا الله ورسوله ويقوموا بالحرمة لأهل البيت والتاديب فحينئذ أدرك بني العباس الضيم وقاموا بأخذ ثار السابق واللاحق بالحمية والتعصيب، ومن أراد بيان ذلك واستقصاء الكلام في هذه القصة سالفا وخالفا فليطالع الكتب التي أشرت إليها فيما تقدم آنفا. ثم إنه يجب على كل مسلم وخصوصا أهل القلم والدين أن يراعي الله ورسوله في قوم آباؤهم أخذوا ثار الإمام الحسين ودعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم في عالم الغيب ودعاؤه مقبول وسرت دعوته صلى الله عليه وسلم فيهم بالصالح وإيداع سره وإن بعدوا بالتناسل والسهول، فمبلغ العلم على الأقل في الأواخر دون الأوائل يبلغون من جدهم الشيخ شرف الدين إلى لهم ألف ولي لله تعالى كامل، فكيف حال من يفتري في نسب الأولياء الكمل ونسبهم إلى أهل الكفر والجور، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأخبار القدسية يقول الله تبارك من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب أي أعلمته بأني محاربا له وما عسى يجد من يكون لله محاربا له في دنياه واخراه فإن لم يجد من الله شرا في دنياه فليستعد لذلك في عقباه. ثم إن قال قائل أين بني العباس الذين صحت نسبتهم إلى العباس في العلوم، قلت هم من اشتهروا باسم جدهم عند الخصوص والعموم، وثم لهم علم يمتازون به عن غيرهم وهو الباب والشاهد، والديانة والأمانة ومكارم الأخلاق والمساجد. فغالبهم يجمعون الباب والشاهد على الدواب والأقل يفرقون للتمييز عن بعضهم بين الشاهد والباب وهذه صفتهما لمن لا يميزهما في الناس بالإشارة فإني وضعتهما للتعريف بواضح العبارة. وكل عباسي صحيح النسب له هذا الوسم علامة، وفي قديم الزمن بلغ غاية ما يكون من الكرامة. فمعنى الباب إشارة إلى أنهم باب لكل خير في الدنيا والدين بالسلطنة والقوة وخصوصا هم باب لكل كرامة تصل إلى أهل بيت النبوة، فمن سلطنتهم شاع في البلاد شرف أهل البيت وشاع الدين في واسع الأقطار بانتشار الصيت وما مدح صلى الله عليه وسلم دولة قط مثل دولتهم حيث قال صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ترد الدولة لغيرأهلها يعني سلطنتهم ومعنى وضع الشاهد مع الباب استعانتهم بالله تعالى في تيسير الأمور فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله ألا إلى الله تصير الأمور. وقد أودع الله تعالى سره فيهم بالولاية الكاملة والصالح وما ذاك إلا من دعوته صلى الله عليه وسلم كما أسنده أهل العلم والإصالح. ومن ذلك قل أن يخلو كل فرع منهم من مرتبة في التدريس أو مرتبتين أو ثلاثة مراتب كلها مؤسسة على تقوى الله تعالى وصدق الإلجاء إليه في النوايب. 
23 | ص ف ح ة 
ثم هم فيما أعلم تنقسم فروعهم على أقل القليل إلى نحو خمسة عشر فرعا نسبه للعباس محقق أصيل وغالبهم يجتمعون في الإنتساب إلى جد واحد، وهو الشيخ شرف الدين المنصوص عليه من أهل العلم بالقواعد، ومعظمهم استقروا ببلدة التكاكي إلى الآن بالإستيطان، وشت منها بعضهم إلى واسع أقطار بلاد السودان. ثم إني سأضع بعض نسبهم على وجه التبرك بذكر أهل الأسرار، لما قيل عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة وعند نزول الغيث في الأمطار، وصفة وضعي لنسبهم في خاتم طولا وعرضا معشر الجداول، وكل نسبة مذكورة محتوية على عدد من ولي كامل، ولو أني أذكر أهل قرابتي لملأت بهم الخاتم، لأنهم اتووا على تقوى الله تعالى وإن كل واحد منهم حافظ أو عالم، ولكن فضل من في فروع الجماعة مشهور، ولا نستطيع ضبطهم في الخاتم المذكور في المسطور، في هذه الجداول. وقال صلى الله عليه وسلم إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخر الآباء مومن تقي وفاجر شقي أنتم بني آدم و آدم من تراب. وقال صلى الله عليه وسلم في رجل تعلم أنساب الناس علم لا ينفع وجهالة لا تضر. وهذا في زمن التحابب والتوادد وأما زماننا هذا قد حصل التباغض بين الأقارب. ولا بد من تعليم الأنساب خوف الإهانة بين الناس لأنه قد حصل في هذا الزمن ملك الأحرار ولا يخلصون إلا بالنسابة كما قال صلى الله عليه وسلم من عاش مداريا مات شهيدا. ومعرفة الأنساب من الأمور المهمة الصعاب لقوله عليه الصلاة والسلام تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم. وقد اعتنى بالأنساب جماعة من المحققين والجهابذة العارفين والأجلة المدققين كسيدي الشيخ سليمان العراقي والشيخ أبو محمد السمرقندي والشيخ سليمان بن عبد الرحمن البحراني، كان رحمه الله يقول تعرضنا لأمر عظيم اختلطت علينا الأنساب فاي فحل تجللها ليعلم الشريف من المشروف الخ ما قال رضي الله عنه اهـ. وقد قال عمر على المنبر إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس كما يرى الوالد لولده ويعظمه ويفخمه فاقتدوا أيها الناس برسول الله في عمه واتخذوه وسيلة إلى الله تعالى في ما نزل بكم. قال المحب الطبري هذا حديث صحيح. مات العباس رضي الله عنه سنة 32 وقيل سنة 34 وهوابن ٨٨ سنة أدرك في الإسلام 32 سنة ودفن في البقيع رضي الله عنه. ثم هذا الشيخ الذي يجتمعون فيه هو الشيخ شرف الدين الذي ضريحه في الكاسنجر من بلاد الشايقية الآن هو الشيخ شرف الدين بن يعقوب بن سعد الدين بن عز الدين بن يعقوب بن عبد الرحمن بن عيسى بن موسى بن محمد بن الخليفة جعفر المتوكل على هللا بن الخليفة محمد المعتصم باهلل بن الخليفة هارون الرشيد بن الخليفة محمد المهدي بن الخليفة عبد هللا المنصور ابو جعفر بن محمد ألي الخلايف ابن علي السجاد ابن الإمام عبد الله ابن العباس بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كالب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن
 24 | ص ف ح ة 
خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان فهذا نسبه الصحيح صلى الله عليه وسلم وفيما بعد اختلاف شتى أصحه ما ذكره صاحب السيرة العراقية واعتمده الشيخ علي االجهوري المالكي المصري وشرح السيرة المذكورة قال صاحب الأصل: محمد الفقيه الفقيه محمد النبر الولي محمد الدقير الولي الشيخ مكي ابن سراج الولي الفقيه محمد ابن الفقيه الحاج سعد الولي الفقيه محمد سعد الشهير بحمار ابن صالح الولي محمد سعد الولي فكي ابن الفقيه حمد الولي ابراهيم ابن الولي موسى ابن الفقيه إبراهيم ابن الفقيه أحمد ابن الولي الفقيه محمد ابن حماد ابن القاضي محمد ابن الفقيه ابن محمد محمد ابن الشيخ محمد ابن ابراهيم حردود ابن الولي الشيخ أحمد ابن الفيه بدوي ابن الفقيه ابن حسين مكي ابن الولي الشيخ مكي ابن ابن علي ابن احمد الشفيع ابن حطاب ابن الولي حمد ابن شاتاوي ابن محمد ابن الولي الشيخ عثمان ابن الولي الشيخ عثمان ابن الولي الكامل الشيخ محمد ابن الخبير عيسى ابن عبد النبي ابن ابن الفقيه ابن حمد ابن جميع بشير ابن حسين ابن علي ابن الولي محمد ابن الولي ابن الولي ابن صالح محمد صالح أبو العاص ابن سعد ابن عبد ابن ضحي ابن محمد ابن ارباب الخالق ابن أبي بكر ابن عون الله ابن الحاج حمدت الله ابن عون الله ابن أبي بكر ابن عون الله ابن الحاج حمدت الله ابن عون الله ابن شعدين ابن شعدين ابن محمد المشهور بتكم ابن إدريس الحديد ابن طه ابن عبد ابن ابن هنبوك ابن هنبوك المعبود مصطفى ابن الولي الحاج الكبير ابن الولي الحاج الكبير ابن مسلم ابن سرير ابن مسلم ابن سرير ابن مسلم ابن سرير ابن جريس ابن جمل الدين ابن جمل الدين ابن جمل الدين ابن محمد الجمة ابن محمد الجمة ابن محمد الجمة ابن محمد الجمة ابن محمد الجمة ابن محمد الجمة ابن محمد الجمة ابن محمد الجمة ابن محمد الجمة ابن عبد الرحمن ابن عبد الرحمن ابن عبد الرحمن ابن عبد الرحمن ابن عبد الرحمن ابن عبد الرحمن ابن عبد الرحمن ابن عبد الرحمن ابن ابن عبد الرحمن ابن ابن الشيخ شرف الدين ابن الشيخ شرف الدين ابن الشيخ شرف الدين ابن الشيخ شرف الدين ابن الشيخ شرف الدين ابن الشيخ شرف الدين ابن الشيخ شرف الدين الشيخ شرف الدين الشيخ شرف الدين عدنان بن ودد، قال االجهوري ودد بضم الواو وفتح الدال المهملة الأولى وسكون الدال المهملة الثانية، بن مقوم بضم الميم الأولى وبفتح القاف وتشديد الواو المفتوح وسكون الميم الثانية بن ناحور، بحاء مهملة مضمومة معتلة بواو، وراء مهملة ساكنة، بن يترح بياء مثناة مفتوحة وتاء مثناة ساكنة وراء مهملة مفتوحة وهاء مهملة ساكنة بن يعرب بياء مثناة مفتوحة وعين مهملة ساكنة وراء مهملة مضمومة
 25 | ص ف ح ة 
وباء موحدة ساكنة، بن يشجب بياء تحتية مثناة مفتوحة وشين معجمة ساكنة وجيم معجمة مضمومة وباء موحدة ساكنة، بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه السالم بن تارح بتاء فوقية مثناة مفتوحة محركة بألف وراء مهملة مكسورة وحاء مهملة ساكنة، بن ارغوا بألف ثم راء مهملة ساكنة ثم غين معجمة مضمومة محركة بواو بن فالخ بفاء محركة بألف ثم الم وخاء معجمة ساكنة، بن أرفخشذ بألف ثم راء مهملة ساكنة ثم فاء مفتوحة وخاء معجمة ساكنة وشين معجمة مفتوحة وذال معجمة ساكنة، بن سام بن نوح عليه السلام، واسمه عبد الغفار وإنما سمي نوحا لكثرة بكائه على قومه لأنهم غرقوا بلا توبة، بن المك بلام مفتوحة محركة بألف وميم مكسورة وكاف ساكنة، بن متوشلخ بميم مضمومة وتاء مثناة مفتوحة على أشهر اللغات وواو مفتوحة وشين معجمة مكسورة ولام مكسورة وخاء معجمة ساكنة، بن اخنوخ، قال الشارح والأشهر خنوخ، بن مهليل بميم مفتوحة وهاء ساكنة ولام مكسورة محركة بياء ثم لام ساكنة. قال وفي االنجيل مهالئيل بن قينن بقاف مفتوحة وياء مثناة تحتية ساكنة ونونين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة، بن يانش بياء مثناة تحتية مفتوحة محركة بألف ونون مفتوحة وقيل مكسورة وشين معجمة ساكنة، ويقال أنوش بفتح الهمزة وضم النون مع حركتها بواو معناه صادق، بن شيث بشين معجمة مكسورة محركة بياء وثاء مثلثة ساكنة بن آدم أبو البشر عليه السلام. فهذا أصح ما نقل في الخلاف، وقيل إنه ال خلاف فيما بين نابت وآدم أبو البشر لأنه كما قيل نزل به جبريل عليه السلام على موسى عليه السلام في التوراة. وعلى هذا إنما يجري الخلاف فيما بين نابت وعدنان والله ورسوله أعلم. ثم حاصل الأمر الذي ذكرته في السنة من الشيخ شرف الدين المذكور آنفا منصوصا عليه إلى ابينا آدم عليه السلام. وأما اتصال النسبة بالشيخ شرف الدين فإني رأيته منصوصا عليه بخط الآباء والثقات وتواتر الخبر المنقول عن صالحي بني العباس بإسناد صحيح عن الأكابر في المقالات فإني أحمد بن محمد المشهور بالنبر بن ابراهيم بن أحمد بن عثمان بن محمد بن ابي بكر بن الحاج الكبير بن محمد الجمة بن عبد الرحمن بن شرف الدين. ثم ان هذا الشيخ فيما نقل إلينا قدم هو وبنيه إلى أرض السودان بعد ما كان مستقرا بارض صعيد الريف بمدينة اصوان واستقر ما شاء الله بديار الشايقية قبل أن تاتي قبيلة جعل المشهورة ومات ودفنوه بنيه في الكاسنجر فقيل من كرامات هذا الشيخ منذ دفن في الكاسنجر لم تغر عليه قوم قط هكذا سمعته من بعض الثقاة وكان قدومه في زمن ملك العنج. ثم لما مات قدم ابنه عبد الرحمن إلى دار التكاكي فأحيا بها مواتا كثيرة ومعه ابنه محمد الجمة واعطوا كبار العنج أجرة على أن يخبرونهم بعين الماء فيما سمعوه عن كبارهم فلما أعطوهم تلك الأجرة كادوا العنج يجعلونها وظيفة عليهم كل عام
26 | ص ف ح ة
 وخاصموهم في ذلك وقطعوا نزاع العنج من تلك الوظيفة في باقي الأيام إلى أن أتت عليهم قبيلة جعل وتغلبوا على ملك العنج بالظفر واستظهروا على جميع قبايل العرب وطردوهم عن تلك الديار حتى أسكنوهم عن ممر البحر الفيافي الواسعة والقفار ثم سكنوا ما شاء الله فأتتهم الفنج فاستولت على جميع البلاد وأذعنت لهم القبايل بالطاعة وصارت جعل عندهم من جملة الرعية ولكن لهم عندهم المزية على غيرهم من الرعية فولوهم بالتقديمة فيما هم فيه من البلاد وقطعوا عليهم مهر كل بلدة يوصلونه إلى عامل بينهم وبين السلطان الأعظم ويعطوه رسله قربوا أو بعدوا في الآفاق كل ذلك وقع بينهم ببذل الطاعة والتذلل والعهد والميثاق. ثم إن ما أحيوه الأجداد كان خارجا عن واسطة سلطان جعل لكونهم قدموا قبلهم واحيوا ذلك الموات زمن ملك العنج فلما استولوا الفنج على البلاد واجهونهم فيما بأيديهم من الإحياء المذكور بمهر معلوم لا يزيد ولا ينقص حتى وضعوه الفنج في دفاتر الديار. ثم إنه بذل سلطان جعل غزير المال على أن يجعل الفنج ما بأيدي بني العباس تحت ملكه لكونه يخدم يمينهم وشمالهم، فأجابوه إلى ذلك بشرط على أن لا يغير عليهم شيئا من المهر المعلوم وينصب لهم الجاه على ما كان لهم عندهم من المزية والحرمة مرسوم. وكان عدد الأرض التي احيوها خمسمائة ساقية. ثم فيما بلغنا من السمع لما مات جدنا محمد الجمة بقي بنيه بعده وهم سبعة رجال ستة أشقاء وسابعهم أخيهم لأبيهم وكان أكبرهم سنا فيقال للأشقة الأواناب اشتهارا بإسم أمهم وهي بنت عم أبيهم اسمها أوانة بنت عبد الرحيم بن الشيخ شرف الدين المذكور ولم يبق من نسله الا هي فتزوجها ابن عمها فاولدها تلك الأوالد وهم جدنا الحاج حمت الله ومسلم بتشديد اللام مع الفتح وسرحان وجريس وحسين وعبد الله واسم أخيهم لأبيهم جمل الدين وقد وضع يده في بعض احياء الأرض مع أبيه ثم إنه اراد ان يبقى له نصف ذلك الإحياء ويبقى لإخوانه النصف الآخر وخاصمه في ذلك جدنا الحاج حمدت الله وهو أكبر إخوته فأصلحوا إخوتهم بينهما وقسما تلك الدار أثلاث ثلثين للحاج وثلثا لجمل الدين وقطعوا نزاعهما في تلك القسمة إلا سرحان وحده أبى أن يترك نصيبه واختص منها بترعة سرار وهي المشهورة اليوم بالكرمل غربا وجزيرة، ورضي جمل الدين بالثلث ولكن النقارة تبقى عنده إلى أن يموت ثم لمن يكن أكبر بعده من إخوته ثم إن إخوته الكبار ماتوا في حياته فبقيت عند ذريته إلى الآن. وأما الدار على قسمتها غير أنه تارة كل قسمة بيدي شيخ وتارة يلمها شيخ واحد من أي الذريتين. كذا نقل إلينا والله ورسوله أعلم. وإنما ما رايناه في زماننا كلها فرقت عند غيرهم الا قليلا منها بأيديهم. 
27 | ص ف ح ة 
ثم إن جدنا الحاج بقي بنيه بعده شيوخا في قسمتهم إلى قريب من عصرنا وهم سبعة جدنا أبي بكر، وعون الله، ومحمد أبي قبيع، وعبد الرحيم، وزوين، وحمتور، وجد القراويين،لا أدري ما اسمه فإني ما أدركت من يميز لي اسمه. وفي ما أدركته من القرون ذرية أبي بكر أكثر من ذرية إخوته وفيها نحو أربعين حافظا وخمسة عشر عالما فهكذا القرن الذي لم أدركه وهكذا الذي قبله وإني بفضل ربي أقلهم علما وأحقرهم وأضعفهم فهما، وعدة مجموع ذريته في عصرنا مائة وخمسون رجلا إن قلوا. وأما ذرية عون الله قد شاع ذكرها فيما قبلنا من القرون بغزارة الرجال وكثرة الصلاح والمال حتى لم يذكر معهم أحد في فضيلة من بني العباس على الإطلاق وكان فيها من الأولياء الفقيه العارف بالله ورسوله الشيخ محمد ابن سليمان وأخيه الولي الكامل قرشي ابن سليمان وبقي الآن مزارا في وادي شري وكان أيضا فيهم الولي الكامل ابن أخيهما الفقيه محمد ابن مدني الإحيمر ابن سليمان المذكور وإن جميعهم في عصرنا انقرضوا بعد تلك القوة والكثرة والصلاح حتى تناهوا في القلة الى ثلاثة رجال أو اربع. واما ذرية أبو قبيع وهي أيضا قديما وجديدا هي في قلة فمن ما أدركته منهم الحاج النور ابن عفشة ويقال معه ابنا له لم أره بعيني وعلي ابن قرشي المشهور بالتاج وابنه ومحمد أخيه وابناؤه وابن الجعفر فما ادركت منهم غير هؤلاء. وأما ذرية عبد الرحيم أدركت منهم في عصرنا أولاد حسين وذريتهم وهم الفقيه محمد نور والفقيه العالم أخيه محمد الصريح وحمد ثقيل ومحمد التكاوي. فأما محمد نور عنده من الأبناء ثلاثة منهم الفقيه مضوي والفقيه أحمد أخيه وعبد القادر وأما محمد الصريح عنده ابنان واما محمد الثقيل عنده ثلاثة أبناء وأما محمد التكاوي ليس له ذرية قط. ثم رأيت منهم أيضا أحمد ابن مشمش وترك بعده ابنان مات أحدهما وبقي الآخر والله ورسوله أعلم. وأما ذرية الحمتور منهم في زماننا ذرية أبو قصيصة وذرية الشيخ ابن العباس وذرية أحمد أخيه وكان فيهم من الأولياء الكبار الفقيه شمومة ابن الحمتور كان من أهل الحضرة والله ورسوله أعلم. وأما زوين يقال من ذريته بني قرشي ابن إدريس وبني صالح ومحمد ابن صالح وذرية رحمة ابن سعد ابن قرن وذرية ابن حورية وعدة من أدركته منهم بضعة عشر رجال.
 28 | ص ف ح ة 
وأما ذرية جد القراويين لم تكن معنا في البلاد التي نحن بها ولكن إنما نسمع بهم في عد باجيجة في الدنادر يقال والله أعلم فيهم من العدد بضعة عشر رجلا وكان فيهم رجلا من الصالحين نسمع بدكره مع إنه لم يكن في عصرنا اشتهر اسمه بالفقيه إبراهيم ابن قري وكان سبب تسميتهم بالقراويين. وسبب غربتهم أن أولاد مسلم بغوا وتعدوا حدود الله الذي ليس من شأنهم في العادة الجارية أن يتعدوها حتى أنهم قطعوا الطريق شرقا وغربا فأتتهم بسبب ذلك سرية قوم من العنج وقتلتهم كلهم إال اثنين نجوا بفضل الله بسبب الطفولية. الذين قتلوا منهم عشرة فرسان. فالذين نجوا طه وشعدين. فأما طه فر إلى ديار الشايقية واستقر بها زمانا حتى نسل ذريته ثم إن ذريته بعده قدموا على جماعتهم. وأما شع الدين فرت به أمه إلى دار المحس في أرض السكود فلحقها جدنا الحاج وتزوج بها هناك حتى أولدها بنتا لأنه لم يمكنه أن يأتي بابن أخيه الا بهذه الحرفة من ضعفه هناك وقوة المحس، ثم إنه قال يوما لامرأته وإخوتها سنقدم إلى الأوطان نراها إن اطمأنت نأتي نأخذ ما بقي هنا وان استمر خرابها نأتي باجمعنا منها، فأتى بابن أخيه بهذه الحرفة ولم يعده إلى أمه بعد ذلك. ولما كبر زوجه بابنته ونسل معها ابنين، ومات عمه ثم مات هو. ثم إن ابناه لما كبرا مع أخوالهم خاصماهما في شيخة الدار وقتل جد القراويين أحدهما وبقي الآخر، ثم قال لأخواله ابعدوا مني القاتل فقد عفوت عنكم. فنجلوه إلى دنقلة حتى إنه نسل هناك وسكن بها ما شاء الله ثم أتاهم غلاء فانتجعوا منه بالمفارة الى قري وسكنوا بها زمنا طويلا حتى اشتهروا عند جماعتهم بالقراويين إلى أن طال الزمان فأتاهم غلاء فانتجعوا منه وسكنوا في عد باجيجة في نواح الدندر والله ورسوله أعلم. ثم مجموع ذرية الحاج تبلغ إلى نحو المائتين والله ورسوله أعلم. وأما ذرية مسلم المذكور تنقسم إلى ما تقدم في الذكر إلى نسل طه ونسل شع الدين، ونسل طه اشتهروا باسم الحديداب لقبا لهم باسم جدهم إدريس الحديد ابن طه ابن مسلم ونسل شع الدين اشتهروا باسم جدهم صالح ابن شع الدين يقال لهم الصالحاب. ثم الحديداب ينقسمون على اربعة فرق عيسياب ورحماب ونولاب وقلوباب. فالعيسياب هم ذرية الشيخ الولي الفقيه مكي ابن عيسى وذرية أخيه سعد ولهما أخوان لم اميز من نسل منهما ومن لم ينسل. واما ذرية مكي هم ذرية القاضي محمد منهم الشيخ الولي الحاج سعد وذريته الآن مشهورة بالصلاح ثم ذرية أخيه الصالح الحاج عبد الرحمن ابن القاضي المذكور. ومن ذرية الولي مكي ذرية مكي ابن موسى. 
29 | ص ف ح ة 
واما ذرية سعد ابن الفقيه عيسى المذكورهي ذرية الفقيه يونس ابن سعد ومبلغ عدتهم يبلغون إلى نيف واربعون رجلا والله ورسوله أعلم. واما الرحماب يبلغون إلى نيف وثلاثون رجلا. واما النولاب فالذين أميزهم منهم لم يتجاوزوا عشرة رجال. واما القلوباب هم ذرية عبد القادر، وذرية أخيه بدوي منها في عصرنا الرجل الصالح الفقيه الحاج بان النقا، واما ذرية عبد القادر منهم الفقيه الولي الصالح المشهور بالقلوباوي وذريته وذرية إخوته فيبلغون في العدد إلى قريب من العشرين والله ورسوله أعلم. وأما ذرية صالح المذكور أيضا تنقسم إلى أربعة فرق منهم ذرية الولي الكامل الفقيه محمد ابن صالح كان وليا عظيما وذريته الآن أكثر من ذرية إخوته واسم اخوته عليت والخبير وحاج موسى. اما ذرية عليت الذين أدركناهم ذرية الولي الحاج سليمان ابن الحاج حسن ابن الولي واريب ابن عليت المذكور ثم ذرية شع الدين ابن واريب. واما ذرية الخبير منهم الشيخ مكي ابن سراج وذرية الفقيه الصالح الفقيه خبير وذرية قرباوي ابن عبد القادر ابن شمشوم. اما ذرية حاج موسى المذكور يبلغون نحو خمس رجال أو أربعة ومبلغ من ينسب إلى صالح بن شع الدين نحو ستين رجال والله ورسوله أعلم. ومجموع ذرية مسلم تبلغ في العدد إلى نحو مائة وسبعون رجلا والله ورسوله أعلم. وأما ذرية سرحان ابن محمد الجمة كانوا قبل عصرنا بثلاثة قرون في غزارة من المال والرجال ثم كادوا ينقرضون ولم يبق في عصرنا الا نحو تسعة رجال أو عشرة منهم بني محمد ابن أحمد الكنزي ابن شيخ ابن سرحان وهم حمد وأحمد أخيه ورحمة وأخيه فهم أربعة كل اثنين من امرأة ثم ذرية ابن عمهم إدريس ابن يونس وخروف أخيه ثم ذرية ملك الناصر نحو خمسة وجال أو أربعة والله ورسوله أعلم. وأما ذرية جريس ابن محمد الجمة لم يبق منهم في التكاكي الا نسل جرباي وشت باقيهم في واسع الأقطار فمنهم رجال صالحون في الأبواب الحاج الولي محمد ابن سعد المشهور بحمار ومن ذريته أناس صالحون وذرية إخوته وذرية ابن عمه سناسن وهم أيضا جماعة عديدة يبلغون إلى نيف وثلاثون رجلا ومنهم ذرية عبد القادر ابن
 30 | ص ف ح ة 
الولي الفقيه محمد ابن شيخ نحو خمس رجال ومنهم ذرية حمد ابن عبد الغني كأولاد سميح واولاد عبد الغني أخيه وهم أيضا جماعة واستقروا في المندرة ومعهم أناس ينتسبون إلى الجريساب ولم أميز انتسابهم بجهلهم بنسب أنفسهم وأما ما تقدم فهم عالمين بنسبهم. أما الحاج محمد ابن سعد ابن صالح ابن محمد السورني ابن علي ابن أحمد الشفيع ابن الفقيه بشير ابن عبد الخالق ابن عبد المعبود بن جريس فهم ومن معهم يبلغون نحو أربعين رجال والله ورسوله أعلم. وأما ذرية حسين ابن محمد الجمة فهم جماعة عديدة يبلغون نحو ستين رجلا إن قلوا منهم الصالحون الأولياء كابن الحاج حسين الولي أحمد المجذوب المشهور بالحسينابي والولي الكامل الفقيه عيسى ابن قيزان وغير ذلك من الأولياء وإما جماعتهم منهم الإدريساب في جزاير أبو شوك كان فيهم رجلا صالحا اسمه الفقيه محمد ابن إدريس ومنهم ذرية عبد الرازق في شندي كعلي ابن عثمان وإخوته وعبد الحميد وإخوته ومنهم أيضا ذرية هجام كالفقيه طه ومن معه ومنهم أيضا ذرية القويضي ومنهم أيضا رجال صالحون ومنهم أيضا البقوراب والمريقاب ومنهم ذرية أبو كريمة وذرية الولي أحمد المجذوب ومنهم ذرية الفقيه مطلوب ومنهم ذرية عبد الفقاد ابن ازرق وذرية إخوته فهم جماعة ولكنهم متفرقون من أرض الصعيد إلى أرض التكاكي والله ورسوله أعلم. وأما ذرية عبد الله ابن الجمة المشهور يشتهرون اليوم بالعفوشة ومقرهم ومسكنهم جزيرة شري بأرض الزورة وهم شيوخ الجزيرة وينقسمون إلى ذرية ثلاثة رجال وهم كزوم والحاج إبراهيم وعدلان فأكثرهم ذرية كزوم منهم ذرية حسين وذرية علي أخيه وذرية مالك ابن احمد وذرية عبادي وذرية شهبون وذرية مكي ابن عليت وغير ذلك فهم جماعة ينيفون على خمسة وثلاثون رجلا. وأما ذرية الحاج إبراهيم منهم ذرية نورين ابن محمد ابن نورين نحو ثمانية رجال وأما ذرية عدلان لم يبق منها الا ذرية حمد ابن مازق وهم رجلان والله ورسوله أعلم. وأما ذرية جمل الدين تنقسم إلى ذرية رجلين وأزيد هما هنبوك ومحمد المشهور بابن العنقريب وغيرهم. فمن ذرية هنبوك العالياب والمحمداب والسالماب والشتياب والضحيواب. أما العالياب هم ذرية علي ابن محمد ابن هنبوك ابن جمل الدين المذكور منهم في زماننا ذرية الولي حمد ابن شاتاوي ابن حمد ابن علي المذكور وهم أناس صالحون منهم العلماء والحفظاء والأولياء فهم معظم ذرية علي مالا ورجالا وصلاحا ويبلغون نحو ستين رجلا والله ورسوله أعلم . ثم المكياب هم ذرية مكي ابن شاتاوي ابن حمد ابن علي المذكور فيبلغون نحو خمسة عشر رجلا، ثم البليلاب فهم جماعة نحو اربعين رجلا منهم ذرية موسى المشهور بأبي بليلة ابن حمد ابن علي المذكور وهم شيوخ جميع العالياب ثم ذرية ابو شنكوا أيضا هم جماعة من ذرية إبراهيم ابن حمد ابن
 31 | ص ف ح ة 
علي المذكور ويبلغون في زماننا نحو خمسة وعشرون رجال ثم العجاجاب فهم يبلغون إلى بضعة عشر رجال ثم الباكراب وهم ذرية ابي بكر ابن علي وينقسمون إلى ذرية رجلين منوفلاب وعيسياب فالمنوفلاب هم ذرية الفقيه أبو القاسم ابن الفقيه منوفل ابن محمود آبن أبي بكر ابن علي المذكور ومن المنوفلاب أيضا ذرية منوفل ابن الحاج محمد ابن منوفل المذكور سابقا فالمنوفلاب يبلغون نحو ثلاثة عشر رجال واما العيسياب يبلغون نحو سبعة أو ثمانية رجال والله ورسوله أعلم. ثم من ذرية علي ذرية الولي المشهور بالشمخي وهم بضعة عشر رجلا والله ورسوله أعلم. وحاصل ما يكون هم أغزر ذرية جمل الدين ولكن لا تتأتى رذالة ولا منقصة لساير الجماعة إلا من جهتهم الله يلهمهم صوابهم ويصلح بفضله أعقابهم. وأما المحمداب الذين تقدم ذكرهم هم ذرية محمد ابن محمد ابن هنبوك ابن جمل الدين منهم في زماننا ذرية البلة ابن عبد الله ابن علوبة ابن حسن ابن هنبوك ابن محمد ابن محمد ابن هنبوك ابن جمل الدين المذكور. ومنهم ذرية بنبون فالذين أدركناهم منهم في عصرنا ذرية حمد ضكر وذرية محمد المشهور ببنبون وذرية محمد ابن أحمد البنبناوي والحاج مكاوي وذريته وأولاد الزين ونسلهما فهؤلاء هم ذرية بنبون. ومنهم أيضا ذرية الحاج أحمد المشهور بالتكاوي وذرية ابن ابي قرين ومنهم أيضا ذرية قنجاري ابن إدريس ومنهم أيضا ذرية أحمد المشهور بالمرقوب وذرية أخيه حسين ويبلغون نحو خمسة وأربعين رجلا والله ورسوله أعلم. وأما السالماب هم ذرية سالم ابن هنبوك فمنهم في عصرنا ذرية الغسيل وذرية الحاج محمود وذرية الحاج عثمان ابن أبو اشول وذرية الحاج صالحابي وذرية إخوته وذرية كنيزي وذرية يوسف أخيه وذرية شلابي المشهور بأبن فدلم وذرية بهوتي وغيرهم مما لا أطيل بذكره ويبلغون نحو خمسة وثلاثين رجلا والله ورسوله أعلم. وأما ذرية ابن العنقريب المشهور منهم في زماننا العناقريب المشهور ذكرهم بجدهم منهم ذرية أبو قرن وذرية إلياس وذرية شويخ وذرية الحمري وذرية بقار وذرية بصير وغير ذلك وهم جماعة عديدة وكانوا شيوخا في دار جمل الدين من ذلك اشتهروا بالعناقريب دون جماعتهم. وأيضا من ذرية ابن العنقريب الفرجاب شيوخ مرن انقاوي في الأبواب فمنهم ذرية حمد ابن محمد المشهور بالهبرم وذرية إخوته في بيله منهم بلال ورحمة وذياب
 32 | ص ف ح ة 
ومنهم ذرية شيخ عماري وأخيه مانيس وذرية أخيهم سليمان في بيلة وذرية مسند وذرية محمد ابن فرج في دار الشايقية وذرية شقر أخيه وغير ذلك فهم أيضا جماعة من أخيار بني العباس. وأيضا من ذرية ابن العنقريب البعيواب منهم ذرية الصالح المشهور بالصايم وذرية أخيه الحاج حسين المشهور بكبيق وذرية فتاش أخيهما وذرية النشال وذرية ابن ام دلوك وذرية الحمدي وغيرهم فهم أيضا جماعة عديدة نحو سبعين رجلا. وأيضا من ذرية ابن العنقريب ذرية جمل الدين الصغير منهم في زماننا ذرية عبد الهادي ابن أحمد وذرية عبد القادر أخيه وذرية أحمد ابن قنبير وذرية موسى وذرية محمود وأناس لم أميز اسماءهم ويبلغون إلى نحو ثلاثين رجال والله ورسوله أعلم. وأما ذرية شتي ابن هنبوك ابن جمل الدين منهم ذرية سعد الدقاقابي وذرية عشاري ابن محمد أخيه وذرية رحمة الضريري وذرية أخيه عبد الله وأناس متفرقين في الأبواب في سقادي ومنهم أيضا ذرية محمد ابن عمرابن عبادي وذرية ابن عمه عبادي ومنهم ذرية الحداد جمل الدين وذرية ضيف الله وجماعة معهم والله ورسوله أعلم. وأما ذرية ضحي ابن هنبوك منهم الفقراء الحطاطيب نسبة منهم إلى جدهم حطاب ابن جميع ابن ضحي فمنهم الأولياء والعلماء والحفظاء الصالحون وكان في نواح البرسي منهم الولي الفقيه محمد ابن سعد ابن الفقيه محمد ابن حطاب ابن جميع ويشتهرون بالجميعاب. وأما ذرية الأولياء المشهورون بسبق وهيب ويشتهرون اليوم بالحراديد نسبة إلى جدهم الولي إبراهيم حردود ابن محمد ابن حسين ابن ارباب ابن مصطفى ابن جمل الدين ابن محمد الجمة ابن الشيخ عبد الرحمن ابن شرف الدين الذي ضريحه في الكاسنجر من بلاد الشايقية الآن. ومن ذرية إبراهيم حردود المذكور الجلاليب وهم أبناء الفقيه عبد الرحمن القاضي ابن الفقيه موسى ابن إبراهيم ابن الفقيه موسى أبو دقن ابن إبراهيم حردود المذكور. ومن ذريته العيراب وهم أبناء حمد العير ابن حمد الفقيه إبراهيم ابن الفقيه موسى ابن إبراهيم حردود. ومن ذريته العبد الرحيماب وأبناء عبد الرحيم ابن محمد ابن الولي إدريس ابن الفقيه إبراهيم ابن الفقيه موسى ابن إبراهيم حردود المذكور 
33 | ص ف ح ة 
ومن ذريته النوارين وهم أبناء الولي الحاج نورين ابن الفقيه موسى ابن إبراهيم حردود المذكور. ومن ذريته بنو فضوله ومن ذريته بنو بركاوي وهم أبناء محمد ابن الفقيه موسى أبو دقن المذكور ابن إبراهيم ومن ذريته الحاج علي ابن علي وذرية رحيمة ابن عبد الصادق وعبد الخالق وأناس لم أعرفهم لتفرقهم في البلاد والله ورسوله أعلم. ثم من ذرية محمد ابن شرف الدين الشرافدة فمنهم في زماننا ذرية الفقيه صالح ابن خليفة وذرية صالح أخيه وذرية الحاج محمد ابن الفقيه مدني وذرية الفقيراب وذرية القوجني وذرية أبو حريص وذرية محمد ابن علي المشهور بأبي دقينة وذرية الجامعابي وذرية الحاج عبد الوهاب ابن ولد قريقدة وأيضا جماعة يبلغون خمسة واربعين رجلا والله ورسوله أعلم. وأما ذرية الولي المشهور حسان وقد اشتهروا اليوم بالزرق فهم ذرية عبد الرحمن ابن الشيخ شرف الدين المذكور فمنهم ذرية المجذوب أحمد والفقيه محمد أخيه وذرية الحاج قرشي المشهور باالزرق وذرية الحاج محمد وذرية فاضلابي أخيه وذرية موسى أخيه ومنهم جماعة لم اميز اسماءهم فهم أيضا جماعة لهم غزارة في المال والرجال ويبلغون إلى نحو أربعين رجلا أو يزيد والله ورسوله أعلم. وأما ذرية عبد الله المشهور بكلب الريف فهم أيضا جماعة وإنما سمي كلب الريف لأنه كان رجال شعيرا والشعر نابت في ساير جسه فمنهم في زماننا ذرية العاتي وذرية كاسر وذرية حجير وذرية ابوبكر أبو ضريس وذرية حسيناب وذرية شبيكاب والله ورسوله أعلم. وأما الجمولة والمخولاب نسبهم إلى العباس صحيح لا مرية فيه ولكنهم ليسوا من ذرية الشبخ شرف الدين فلهذا كان صالحهم في بني العباس قليل ولأجل ذا أخرت ذكرهم في آخر الكتاب في التأصيل. وإنما سمي الجمولة جمولة نسبة منهم إلى جدهم جمل وسمي المخولاب مخولاب نسبة منهم إلى جدهم محول. ثم هم في ما بلغنا من الثقات من ذرية إخوة الشيخ شرف الدين. ثم إن ما أدركته من الجمولة في عصرنا ذرية كنبال أبن إبي اللكي وذرية قرقد أخيه وذرية محمد ابن موسى اللويس وذرية عثمان أخيه وذرية إدريس أخيه وذرية خبير وذرية فورن وذرية محمود ابن اللبيب وذرية الولي محمد ابن عثمان الدنقس وذرية محمد ابن سعيد القريباب وذرية عكاشة وذرية أخيه ابو صريرة وغير ذلك مما لا أميزهم ويبلغون في العدد إلى نحو مائة رجل. 
34 | ص ف ح ة 
وأما المخولاب ما أدركته منهم في عصرنا ذرية خبير ابن ابو مكن وذرية حاج علي وذرية حسن الملة ابن إدريس وذرية عبادي أخيه وذرية مخول أخيه وذرية الولي الفقيه أحمد ابن بدوي وذرية الحاج محمود ابن شكين وذرية محمد ابن حمراي وذرية أبو زرد وذرية كنبال ابن كنين وذرية عمر أخيه وغير ذلك ممن لم أميزهم ويبلغون في العدد إلى نحو خمسة وأربعين رجلا والله ورسوله أعلم. ثم إن كل عباسي ينسب إلى فرع من الفروع المتقدم ذكرها كلها كان نسبه صحيحا إذا نسب نفسه وحقق اتصاله بها. ولكن جلهم لم يميزوا أنفسهم وكل من لا يميز نفسه كان الطعن في نسبه والله ورسوله أعلم. ثم إذا علم صحة نسب بني العباس في التنصيص، وعلم شرفهم الوارد من النبي صلى الله عليه وسلم بالتخصيص، فالواجب على كل مؤمن مراعاتهم بالحرمة والمودة والقبول، ولا يأنف عن مراعاتهم إلا كل تائه في شقاوته مخذول، ونسأل الله تبارك وتعالى بنور وجهه الأكرم، أن يحيينا ويميتنا على حبه وحب آله صلى الله عليه وسلم، وأن يعذنا بحوله وقوته من الشيطان الرجيم، وأن يسلك بنا مسالك أهل التحقيق ويثبتنا على الطريق المستقيم، وأن يختم لنا بأحسن درجات المعارف والإحسان، وأن يجعلنا عند الموت ناطقين بالشهادة مع استحضار الجنان، ويبلغنا بجاهه صلى الله عليه وسلم ما نرومه من المعالي الشريفة، وأن يتحفنا بخصائص بره ورحمته الكاملة المنيفة، وأن يرزقنا الإجتماع به صلى الله عليه وسلم في الحياة وبعد الممات، وأن يبلغنا بسره جميع ما نرومه من الغايات. وأنشدت في فضل هذا الحبيب حيث قلت في وصفه صلى الله عليه وسلم:
 في كل طرف للعيون ولمحة
 باذل وكذا البقا ترسيل 
وكذا الصلاة مع السلام تحية 
على النبي محمد توسيل 
وآله في الفضل ثم وصحبه 
لما تقدم آنفا تمهيل 
وقال في الذكر الحكيم لخلقه 
صلوا عليه وسلموا تفصيل 
سمعا وطوعا للإله اجابة 
لما تضمن أمره تنزيل 
منذ اصطفاه على البرية مخبرا 
إليه قلبي بالحنين يميل 
بصحيح ود في الغرام عزيزة 
فالقلب يلهب والدموع تسيل 
خير البرية خير من وطأ الثرى 
فيه المقال ولو يطول قليل
 شمس النبوة والرسالة أحمدا 
قبل الجلالة في العلا تبجيل 
فلما رقا فوق الطباق وقد علا 
وقف الأمين تأدبا جبريل 
وقال عذرا للحبيب مونسا 
من ها هنا لا اجوز نقيل 
35 | ص ف ح ة 
فهذا مقامي لا اجوز بخطوة 
إلا احترقت بنوره تجليل 
فسما النبي إلى العلاء بهمة 
على كل عال في المعال جليل
 فما زال يرقى في العلاء مقرب 
بدنو قرب الأصطفى تنزيل 
إلى أن سما للعرش منه كرامة 
بنعله داس العلا تسبيل 
حتى حل بالقرب الرفيع مكانة 
فاذا الندا من ربه تقويل 
مرحبا بالحبيب المصطفى من مرسل 
قر العيون بروبتي تاهيل 
فحيى النبي إلى الإله تادبا 
بما اصطفاه من الثبات جبيل 
ورد المهيمن للحبيب تحية 
تفخيم قدر بالهنا تفضيل 
فرآه جهرا بالكرامة يقظة 
بكل عضو لم ترا تمقيل 
ودناه حقا بالمحبة قربة 
قوسين أو أدنى بلا تمثيل 
بعد التحية قد بداه مخاطبا
 بكل سر للهدى تكميل 
إني بعثتك للبرية وحمة 
بهذا القويم المستقيم سبيل 
وقد جعلتك للأنام وسيلة 
لكل قصد في العلا تنويل 
من ربه أخذ العهود مويد 
جلى الظالم كأنه قنديل 
فادا الأمانة للبرية ناصح 
وأحيى الليالي من الدجا تبتيل 
وقام في غيق الظالم تهجدا 
طول الحياة مرتلا ترتيل 
لآيات حق في المقالة أحكمت 
على القويم من الهدى تاويل 
وأظهر الدين الحنيف وسنة 
واحيا عزيز المشركين ذليل 
إلا أن يقر بالشهادة مسلم 
والا يجندل في التراب قتيل 
فاعيا الفصاحة والبلاغة منطق 
وكل بليغ عن علاه كليل 
وفيه كم نطق الكتاب بآية 
من لدن حكيم أحكم التنزيل 
وتوراة موسى قال فيه منوها 
والإنجيل أيضا والزبور دليل 
وساد كل الأنبياء سؤدد 
عرض جاه للنجاة طويل 
وكم له من المفاخر في غد 
وله فخار ما حواه نبيل 
يوم القلوب لدى الحناجر كظم 
من هول يوم بالأنام هويل 
يوم شديد الكرب فيه روعة 
للكافرين وللشقي وبيلي 
يوم بقوم العدل فيه بلا امتراء 
على نقير في النواة نكيل 
فيه من فور الجحيم وزفره 
لهب يطير كما يشاء حصيل 
وفيه من طول القيام وسكرة 
شيب الوليد لما يراه وجيل 
يومئذ تبلى سراير فتنة 
كما اللسان من الكلام قليل 
فلما طال على الأنام بأسرهم 
والدمع جاء مع الدموع طليل 
فزع الخليقة للنبوة حيرة 
وحاصل ما يكون للحبيب يحيل 
36 | ص ف ح ة 
فاتوه طرا للشفاعة منقذا 
من هول يوم للعقول ذليل 
فقال أولو العزم الكرام بذلة
 أنت الحبيب فلا سواك يقيل 
وقر في ساق العرش مهرولا
 شمرا بالسجود لربه تبهيل 
فقيل ارفع يا محمد شافعا 
آن الشفاعة وقتها جيل 
ولك الوسيلة والفضيلة واللواء 
وظله للمرسلين مقيل 
آدم فيهم والخليل ويوسف 
وعيسى ونوح والكليم دخيل 
وحل كل الأنبياء بظله 
من حر شمس في الزحام مليل 
كل سعي باللواء مظلل 
اظل ما يكون من الغمام ظليل 
فهو الوسيلة في مقاصد جملة 
ومعم الذخيرة للكروب يزيل 
وكل العسير لمن أتاه ميسر 
وكل عسر ذكره تسهيل 
به ألوذ مدى الحياة تلذذا 
عظيم جاه للذنوب غسيل 
ومنه فيض في المواهب ابحر 
تجري بكاس من هواه عسيل 
يشوي قلوب العاشقين نشوقه
 ان جن الظلام يزيدهم تشعيل 
عجبا بمن يبرا العليل بلمسه 
وبه المحب على الدوام عليل
 أضحى سقيما لا يلوذ بغيره 
والجسم أضحى كالنشاب نحيل 
وإن العذول من الأنام جهالة 
يلوم صب في الفعال ثقيل 
صلاة ربي على النبي نور 
الجلال شفيع الرسل في اليوم الطويل 
تعم آله والصحابة أجمعينا 
كذا تفوق على الخلايق يا متينا
 انتهى ويليه ملحق به مقتطفات من كراسة النسب الكبير
 37 | ص ف ح ة 
ملحق 
مقتطفات من كراسة النسب الكبير
 صفحات من كراسة النبر العباسي
 قال الله تعالى:
" قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى" وقد قال صلى الله عليه وسلم: " اللهم اغفر للعباس وولد العباس ومن أحبهم". أخرجه الخطيب وابن عساكر. وأيضا أخرج الخطيب في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمه العباس: " يا عباس أنت عمي وصنو أبي وخير من أخلف بعدي من أهلي. إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومائة فهي لك ولولدك منهم السفاح ومنهم المنصور ومنهم المهدي". وأخرج الدراقطني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليكون في أولاد العباس ملوك يكونوا أمراء أمتي يعز الله بهم الدين" وذلك بإخبار الوحي له صلى الله عليه وسلم في سالف الأزمان، ووقع ذلك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإمكان. فقد أعزوا الدين مشرقا ومغربا حيثما بلغ الإسلام، واشتهرت دولتهم وفاخر حسبهم عند أئمة الدين أهل العلم الأعلام. فلولا أني خشيت من شقاوة المسلمين بسببهم من قلة الرعاية، لما بسطت القول في شرفهم إلى هذه الغاية، فبينت ذلك لمن أراد أن يكتسب بحبهم الغنيمة، ويسلم مما الناس فيه من الصفات الذميمة. وإني والله اختصرت القول في شرفهم عما انتهى إليه فهمي، وعما وقفت عليه من النصوص فيما أدركه علمي، فمن أحبهم قد شرب في مناهل السعادة بالكأس الأصفى، واكتال في الخيرات بالجريب الأوفى، فكم طرزت في فضلهم من القصص الغرائب، وكم زينت بفاخر حسبهم فرائد العجائب. فهذا هو المعهود عند أئمة الدين من أكابر الخلف، بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من الخلفاء الراشدين وجملة السلف. وقد جمع الله سبحانه لهم شرف الحسب والنسب، والنفوس المطمئنة المستقيمة وجميع مكارم الأخلاق ومحامد الصفات الكريمة. قال الحافظ بن حجر الهيثمي في شرح الهمزية " كل علوي بمصر شريف وكل عباسي ببغداد شريف". فالحاصل أن مطلق أهل بيت النبوة أشرف الناس في الحسب والنسب والحال، وأن بني العباس أشرف الناس بعد ذرية الحسن والحسين في الآل، فالأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في شرف ذرية فاطمة الزهراء رضي الله عنها قد وردت في ذرية العباس رضي الله عنه، فقد قال صلى الله عليه وسلم " يا فاطمة إن الله غير معذبك ولا أحد من ولدك") أي من ذريتك
(وقال صلى الله عليه وسلم في حق العباس رضي الله عنه " ألا أبشرك يا عم أن الله غير معذبك ولا أحد من ولدك" ) أي من ذريتك (وقال صلى الله عليه وسلم " اللهم أغفر للعباس ما أسر وما أعلن وما أبدى وما أخفى وما كان وما يكون منه ومن ذريته إلى يوم القيامة" وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه اشتمل بالكساء على علي وفاطمة والحسن
 38 | ص ف ح ة 
والحسين وقال لهم " أمنوا على دعائي" فقال " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وارحم محمدا وآل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد"، وهم يقولوا آمين حتى أتم دعاءه ذلك. وقال صلى الله عليه وسلم في حق العباس وبنيه " يا عباس إن لي بكم غدا حاجة فلا تبرح أنت ولا بنوك من منزلك حتى آتيك" فلما أصبح الصباح أتاهم واشتمل عليهم بملاءة ثم قال " اللهم إن هذا عمي وصنو أبي وهؤلاء أهل بيتي وأهل قرابتي فاسترهم من النار كستري إياهم بملاءتي هذه" فأمنت أسكفة الباب وجدران البيت. وقال صاحب المواهب اللدنية " لم يبق حجر ولا مدر إلا أمن ثلاثا ثلاثا حتى سمعوا القوم التأمين". انتهى. رواه بن غيلان وأبواللقاني. أيضا صححه .... وعدوا أهل العلم أنما ما وقع للعباس وبنيه معجزة من المعجزات. ثم إنه صلى الله عليه وسلم أيضا أشرك فاطمة والعباس في أن المهدي المشار إليه أنه من ذريتهما ووفق أهل العلم هذا الإشتراك بان فيه شعبة من العباس وشعبة من الحسن وشعبة من الحسين. فإذا صح ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشرك ذرية فاطمة وذرية العباس في أن الله سبحانه غير معذب كلا منهما، وفي الإشتمال عليهما، وفي أن المهدي المشار إليه أنه من ذريتهما، يكفي ذلك من له عقل وافر مصيب، إذا كان يخشى الله تعالى وله قلب منيب. وقد أطنب صلى الله عليه وسلم في الإخبار في شرف بني العباس رضي الله عنه في إخباره صلى الله عليه وسلم في صحيح الأخبار، وفي إخباره بالمغيبات قبل وقوعها وإتيان زمنها. وقد عثرت على سيرة في نسبة الأجداد، الذين خلوا قبلنا في سالف الآماد، أن جدنا الشيخ رحمة الله التقى بعالم عظيم من أشراف فاس، ومع جدنا جماعة من بني العباس، فاجتمعوا جميعا في طريق الحج، ولاحظهم الفاسي بعين الوداد، وغبطهم وأقبل عليهم بالتآلف من بين سائر العباد، فقال يوما لجدنا إني أراكم كلكم سادة على الإطلاق، ولم أر أحسن منكم سيمة في مكارم الأخلاق، ومن القديم هذه المروة والفتوة، لا يجتمعان إلا في أهل بيت النبوة، فقد فاق حسبهم على كل حسب، كما فاق نسبهم على كل نسب، لأنهم غرفوا في الأزل من فيض نوره صلى الله عليه وسلم، وعند الله فضلهم فيما لا يزال أجل وأعظم، ثم إنه أنشد وقال هذه الأبيات: 
الحمد لله أهل الحمد وهو الكاسي 
ثوب المحامد من خصه في الناس 
وصلى الله ربـــي ثـــــم ســــلــم 
على طــه الشــفيع من المـقـــاسـي 
وعـــلى الآل ثم الصحب طرا 
كما النجوم من الضلالة بارتجاس 
أمـــا بــعــد يـــا ســـيدي مسئول 
مــن أي أنــتــم ســـادة الأجــنـــاس 
ألكم الــديـانة والمـكـانة بالنبي 
هل مـن آل عـلي أو عـمه العـباس 
فهم أهل المكارم كـل عـصـر
يالــهم بيت النبوة مــن أســاس 
فــحــبهــم وســيلــة كــل خــيــر 
وبغـضهم يعمي البصائر بانطماس 
39 | ص ف ح ة 
أجـــب يا حبيب ولا تخيب رجــــاءا 
مــن وداد بلا الــتــمـــاس 
لأني لا أروم لغـيــر ربـي قصدي 
قصدي مــعــاذ الله أن أزيــغ بانعــكــاس 
وصــلى الله ربــي ثم سلم 
إلى يوم القيامة يوم باس 
عــلــى مــحــمــد خــيــر البرايا
 وآلـــــه وعــتــرتــه الــفـــــراس 
وأحمد الله حمدا بلا نفاد 
يـــدوم مــع الــبــقـــاء بـإنـهـجــاس 
ثم إنه رد عليه أجوبة سنية، فيها بعض عتاب على الفاطمية، فقال في ذلك على وفق ما قاله الفاسي فأنشد وقال: 
الحمـد لله عــلـــى نعمة الأنــفــاس 
وعلى كل نعمة في العلم والإحساس 
وصــلــى وسـلـم عــلى المصطفى 
محمد شــفيع الخلق حقا يوم باس 
وعلى آلــه والــصــحب جمعا 
وعــلــيــنــا بالكــرامــة في المقـاسي 
وبــعــد أصــل الــعــز تــقــوى الله 
طــوبــى لــمــن يخشىاه في الأجنــاس 
وأشر البلية وصــف كــبـــر 
إن حــل قـلــب ضــل مــن ابــتـلاسي 
فإن كــان إلى التراب مصير كل 
فــالــرفــيع كما الوضيع من الخسـاس 
فأخـبـر الـذكــر الحـكـيم فصيح آي 
أن تــــقــــوى الـلـــه لـلـخـيرات رأس 
سادوا بها آل النبي لكـل جنس 
حتى فاقوا الملوك على الكراسي 
فهــم أهل والأمــانــة والصفــاء 
كما الذهب الخزين مع النحاس 
فلهم المكارم فيض جود 
وقود على المراد بإنسلاس 
ولهم الشجاعة في البرية أهل عز 
والصبر على الشدايد كالرواسي 
ولهم بيت النبوة خير بيت 
والعوارف والمعارف وافتراس 
والوداد على المكلف فرض عين 
به أخبر الذكر الحكيم لذيذ كاس 
فحبهم كل السعادة يا أخال 
وبغضهم كل الشقاوة وانطماس 
طوبى لمن بالصباح لهم يوالي 
بالتعهد أو يكون لهم مماسي 
بهم النجاة لمن يروم ونيل زلفى 
وهم الذخيرة في المهمة لانتفاس 
وبهم نرجو كرامة كل ستر 
بلا كآبة في الحياة ولا اتسعاس 
فبهم نفوز بهم نجوز بهم نفاشي 
اللهم حقق للرجاء بلا انعكاس 
فيا سبط النبي المكرم في السماء 
يابن الأكارم أكابر أهل فاس 
فلقد سألت عن الأصول لأي أصل 
وحق جدك للإجابة ليس ناسي 
من نسل هارون الرشيد أصيل جد 
إليه نعرب في الجدود بلا التباس 
وفينا ورد الخبر الصحيح عن النبي 
بشير حيث قال لعمه العباس 
40 | ص ف ح ة 
إذا مضى قاف ثم لام ثم هاء 
من السنين آن لعترتك ارتياس 
فوقع المشار على الحقيقة وعد صدق 
كفلق الصبح المضيئ بلا انغلاس 
وصاروا ملوك في البرية أهل عدل 
وقد أعزوا الديانة أهل ساس 
ولكن لما إن تداولت الليالي 
أردتم تطؤونا جفا تحت المداس 
وقطعتم للمودة وصل رحم 
ولنا طبول في المعزة من نحاس 
ولنا بيت النبوة كهف عز 
ومن كرام أصفياء عن الأدناس 
وأبى الله نعيش بعيش ذل 
كما عاشوا الأراذل في انبخاس 
أنسيتم ضيم بنو أمية يوم عاثوا 
بما يهول من العظائم في المقاسي 
ولم يبالوا عند ذاك بسوء فعل 
في قطعهم رأس الحسين بانخساسي 
إلى أن طالو بالقبيح بقتل زيد 
وعلى الأذية في البقية وارتماس 
فصبركم إذا لا محالة رغم أنف 
على الضيم نمتم لا اقتحمتم من نعاس 
ولم ترموهم بالشتات لجمع شمل 
بسوء فعل والخواطر في انهجاس 
فيومئذ من الكآبة كيف كنتم 
من أهل قلب بالجسارة كان قاسي 
حتى قمنا بالقصاص لأخذ ثأر 
وافنا الصبر على الإهانة والتناسي 
فحملنا عليهم هاشمية سفح سيف 
سفكا بكل مهند يقطع يواسي 
وصلنا عليهم بالصوارم طول أيد 
حتى شربوا كأس المنون بماء ياس 
وفي ثأر الحسين فلا نبالي بأي قتل 
وفي ثار الحسين فال نبالي بقطع راس 
فأرحنا لكم من أذية كل عاد 
وكل شخص بالإساءة كان آسي 
ومهدنا لفخر يطول بكل عصر 
بعد أن كاد يخفض باندراس 
فلا رعيتم ما نراع لصدق ود 
وجازيتم على الجميل باختلاس 
وأبى الله أن يحل بأهل بيت 
ما يجر إلى التملق وانتكاس 
وإن هذه الدنية دار شوم 
كم وضعت للملوك عن الكراسي 
وأسأل الله أن يتم لكل قصد 
فيما نروم على الدوام بلا إياس 
وأن يديم إلى النجاة بكل صبح 
وكل مساء لا نساء بإنبآس 
وأن يمن بما نؤمل منه زلفى 
إلى أن نجوز على الصراط بلا مساس
 ثم الصلاة على النبي وكل صحب 
فهم كالنجوم من الكواكب في اكتناس 
وأثني على الله المجيد بكل حمد شكرا
 يدوم بلا قصور على العطاس 
وقد قال الحافظ بن حجر الهيثمي رضي الله عنه في شرح الهمزية: " وقد وقع من خلف بني العباس، الذين هم من جملة أهل البيت من أخذهم ببعض ثأر ابن عمهم الحسين، وغيره من أهل البيت، بالخروج على بني أمية لأنهم عاثوا وجاروا ولم يراقبوا الله ورسوله طرفة عين في أهل البيت الطاهرين المطهرين، الجامعين بين العلوم الشرعية، والمعارف الربانية، والأسرار الإلهية، والكرامات الباهرة، والمعالي
 41 | ص ف ح ة 
الفاخرة، حيث انتزعوا منهم الخالفة بعد أن نصرهم هللا عليهم، فقتلوهم شر قتلة ثم ال زالوا يتتبعونهم حتى قطعوا دابرهم عن آخرهم، " فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد هلل رب العالمين".". انتهى من شرح بن حجر على الهمزية. وقال صلى هللا عليه وسلم: "ال يؤمن أحد حتى يحبني، وال يحبني حتى يحب ذوي قرابتي، أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدو لمن عاداهم، أال من أذى قرابتي فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى هللا" ومن ثم قال صلى هللا عليه وسلم:" والذي نفسي بيده ال يبغض أهل البيت أحد إال كبه هللا في النار" وقال صلى هللا عليه وسلم: " الجنة محرمة على من ظلم أهل بيتي، مقاتلهم ومعين عليهم ومن سبهم أولئك ال خالق لهم في اآلخرة وال يكلمهم هللا يوم القيامة وال يزكيهم ولهم عذاب أليم" ومعنى ال خالق لهم أي ال حجة لهم وال نصيب لهم. وقال هللا عز وجل: "قل ال أسألكم عليه أجرا إال المودة في القربى" . وقال صلى هللا عليه وسلم:" أوصاني هللا بذي القربى، ثم أمرني أن أبدأ بالعباس بن عبد المطلب" . وقال صلى هللا عليه وسلم: " إن مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك". وقال صلى هللا عليه وسلم: " أوعدني ربي في أهل بيتي أن من أقر منهم بالتوحيد، ولي بالبالغ أال يعذبهم". ومن ثم قال صلى هللا عليه وسلم: " لو أخذت بحلقة الجنة ما بدأت إال بكم". وقال صلى هللا عليه وسلم: " أربعة أنا شفيعهم يوم القيامة المكرم ألهل بيتي، القاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في أمورهم عند االضطراب، والمحب لهم بقلبه ولسانه". وقال هللا عز وجل " إنما يريد هللا ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا". وكادوا الناس في هذا الزمان يعدون األشراف من أراذل العرب، مع ما لهم من المكانة بالنبي صلى هللا عليه وسلم، وشرف الحسب والنسب. ولكن لما اتصف غالب بني العباس بتقوى هللا تعالى والعفة والنزاهة، وسالمة الصدر من الحقد والحسد وكل آفة وعاهة، صار الناس يأكلون أموالهم بالباطل،ألنهم لم يتعصبوا على أخذ حقهم كتعصب القبائل، ولو تعصبوا على قبيلة لملوا العيون بالكيل، ولو عدت خيلهم فيما أدركناه لبلغت مائتي جواد من جياد الخيل. ولو عدوا رجالهم في زماننا لبلغوا ألف رجل وخمسمائة على األقل في القياس، وميراثهم من جد إلى جد تقوى هللا تعالى وطبول النحاس. فأي رذالة لجنس حوى مكارم األخالق والمروة وأحرى وأولى قوم ينسبون في المكانة ألهل بيت النبوة. ولكن في هذا الزمان قد تعاكست أكثر األمور، حتى صار الذل في طاعة هللا والعز في معصيته مضمور، وأن هللا سبحانه جعل العز في طاعته مخلوق، كما جعل الذل في معصيته ومبازرته بالفسوق. فأقل منهم في القبائل يؤذون عباد هللا في الرخا والضيق، فيشربون الخمر ويسرقون أموال الناس ويقطعون الطريق. فإنا رأينا غالبهم في المجاعة يموت على عز األمانة، وال يمد يده قط إلى أموال الناس بالخيانة. وإن طاعة هللا وتقواه موجبان للشرف الكامل، وأما شرف المعصية فإنما هو شرف األراذل. وقد قال صلى هللا عليه وسلم: " أشر الناس من يكرم مخافة شره" . وقد قيل في ذلك سؤاال أورده بعض المغاربة على القاضي عياض رضي هللا عنه حيث قال: 42 | ص ف ح ة يد بخمسة ماية عسجد فديت ما بالها قطعت في ربع دينار تناقض ما لنا إال السكوت به ونستعيذ ببارينا من النار فأجابه حيث قال: هنالك قد ظلمت فاعتز جانبها وهنا ظلمت وهانت على النار عز األمانة أغالها وأرخصها ذل الخيانة فافهم حكمة البار فصل في اتصال ذرية العباس بجدهم العباس بن عبد المطلب فهم تنقسم فروعهم على أقل القليل، على سبعة عشر فرعا محقق أصيل. ويجتمع نسب الجميع في جد واحد، من نسل الخلفاء المشهورين عند أهل العلم بالقواعد. وغالبهم يجتمعون في الشيخ شرف الدين، وغلب على غالبهم االنتماء إلى الصالح والدين. فيكفي في شرفهم نصوص فحول العلوم، واشتهارهم باسم جدهم عند الخصوص والعموم. وثم لهم علم يمتازون به من الناس وهو الباب والشاهد، وشرف الديانة واألمانة ومكارم األخالق والمساجد. فاختصوا بهذا الوسم على البهائم والدواب، فصار علم لهم يمتازون به وهو الشاهد والباب. وهذه صفتهما لمن ال يميز باإلشارة فإني أوضحتها في الوضع بواضح العبارة. فكل عباسي صحيح النسب له هذا الوسم عالمة، وقد بلغ هذا الوسم في زمن الخلفاء غاية الكرامة. فمعنى الباب أنهم باب لكل كرامة ألهل بيت النبوة، فمن دولتهم شاع الدين مشرقا ومغربا ومكارم األخالق والمروة. فمن دولتهم شاعت حرمة أهل البيت، وعظمة الدين وعظمة أهله وحرمتهم بانتشار الصيت. حتى صار الدين في اعصار الخلفاء كأنه شمس النهار، وأظهر هللا سر األولياء بإظهار الكرامات في جملة األقطار. كالولي الشيخ معروف الكرخي، والشيخ سري السقطي، وإمام الطائفة اإلمام أبو القاسم الجنيد، والشيخ أبي بكر الشبلي والشيخ أبو الحسين الثوري والشيخ طيفور المشهور بأبي يزيد, والشيخ أحمد الرفاعي والشيخ المحب شمنون بن سويد، وشيخ الثقلين سيدي عبد القادر الجيالني نفعنا هللا بسره آمين، وسيدي الشيخ شعيب أبي مدين، وسيدي عبد السالم بن منشيس وسيدي الشيخ على أبي الحسن الشاذلي وسيدي أبي العباس المرسي وسيدي أحمد البدوي وطبقات فوق طبقات، وطبقات بعد طبقات. وذلك ألن خلفاء اإلسالم آمرة وناهية، حتى صار الدين في زمانهم كالشمس الضاحية. 43 | ص ف ح ة وكان كل هذا من صدق قوله صلى هللا عليه وسلم حيث قال " ليكون في أوالد العباس ملوك يكونوا أمراء أمتي، يعز هللا بهم الدين". ثم إن معظم بني العباس استقر ببلدة التكاكي باالستيطان، وشت منها بعضهم إلى أقطار بالد السودان. وإني سأضع نسب بعضهم في خاتم معشر األضالع والجداول، وكل جدول ال يخلو من ولي هلل كامل. وإني معترف بالجهل عن حصرهم في الخاتم المذكور. وإنما أذكر من شاع ذكره وكان عند العامة والخاصة مشهور. وذلك من دعائه صلى هللا عليه وسلم بالصالح، وتولى هللا تعالى أمرهم في كل مهم بالغداة والرواح. وكل فرع منهم ال يخلو في الغالب من مرتبتين أو ثالثة في التدريس، وكل واحد من أهل المراتب كالجوهر النفيس. وأساسهم تقوى هللا تعالى واللجا إليه في النوائب، وكم أظهر هللا تعالى عليهم خوارق العادات وغرائب العجايب. فكل عباسي صحيح النسب في االستيطان، ... وقد علم من فهرسة الخاتم اتصال الشيخ شرف الدين بالخلفاء المذكورين آنفا إلى السلطان هارون الرشيد بن السلطان محمد المهدي بن السلطان عبد هللا أبو جعفر المنصور بن محمد أبو الخاليف بن علي السجاد بن األمام عبد هللا الراسخ ترجمان القرآن بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كالب بن مرة بن كعب بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. فهذا ما صح عنه صلى هللا عليه وسلم. ومعرفة نسبه عليه الصالة والسالم واجبة شرعا على كل مؤمن من جهة أبيه صلى هللا عليه وسلم إلى عدنان. وقال الشيخ علي األجهوري ورأيت في شرح عقيدة بن العاقب البن زكريا أن معرفة نسبه صلى هللا عليه وسلم من أمه أيضا واجبة. فأمه صلى هللا عليه وسلم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بضم الزاء معجمة وإسكان الهاء ثم الراء المهملة المفتوحة ثم هاء التأنيث، بن كالب ومن بعد كالب يجتمع نسب أبيه وأمه. انتهى من شرح الشيخ علي األجهوري على منظومة الشيخ عبد الرحيم بن حسين العراقي. 44 | ص ف ح ة الولي األب محمد المعروف بالنبر الولي الكامل الولي محمد الحاج سعد المشهور بالحماربن صالح الولي الكامل مكي بن سراج الولي الحاج إبراهيم القلوباوي الولي الكامل عبد الرحمن بن حمد الولي الشيخ منوفل الفقيه عبد هللا بن سعد ابن الولي محمد بن حطاب بن جميع ابن الفقيه إبراهيم ابن القاضي محمد ابن مكي بن الولي بن محمد البيروني ابن حمادي الولي الفقيه محمد ابن عبد القادر بن محمد ابن جاولي ابن محمود بن أبوبكر ابن ضحي بن ابن الولي الكامل الشيخ أحمد البوالد ابن الولي الشيخ مكي بن الفيه الكامل الشيخ محمد بن صالح ابن علي بن عبد الخالق ابن حسين ابن حمد بن شاتاوي ابن محمود بن محمد الشامي ابن على بن آدم ابن علي بن محمد بن هنبوك هنبوك بن جمل الدين ابن الشيخ عثمان ابن عيسى بن شعدين ابن عبد المعبود بن جريس ابن الخبير ابن موسى بن حمد بن علي ابن إبراهيم بن محمد تكم ابن عبد هللا بن يوسف ابن جمل الدين ابن محمد الجمة بن الولي محمد أبو العاص بن سعد ابن محمد ابن مسلم الجمة ابن الولي صالح ابن محمد بن هنبوك ابن ادريس الحديد ابن عبد الرحمن بن محمد ابن محمد الجمة بن عبد الرحمن بن شرف الدين بن محمد بن ابن أبي بكر ابن محمد المشهور بتكم بن إدريس بن ابن سرير بن عبد الرحمن ابن شعدين ابن جمل الدين ابن طه بن مسلم بن سرير ابن شرف الدين ابن عبد الرحمن عيسى بن موسى ابن الشيخ الحاج رحمة هللا الحديد بن طه بن مسلم بن سرير ابن الولي محمد الجمة بن الشيخ ابن مسلم ابن الولي محمد الجمة ابن محمد الجمة بن عبد الرحمن بن شرف الدين ابن محمد بن عيسى ابن الشيخ شرف الدين ابن السلطان جعفر المتوكل على هللا ابن الولي محمد الجمة ابن محمد الجمة بن عبد الرحمن بن عبد الرحمن شرف الدين ابن سرير ابن عبد الرحمن بن ابن عيسى بن موسى بن ابن موسى بن ابن عيسى ابن السلطان محمد المعتصم باهلل ابن عبد الرحمن ابن الشيخ شرف ابن الشيخ شرف ابن محمد بن عيسى بن موسى ابن محمد الجمة بن عبد الرحمن الشيخ شرف الدين السلطان جعفر المتوكل على هللا السلطان جعفر ابن موسى ابن السلطان هارون الرشيد ابن الولي الشيخ شرف الدين الدين بن محمد بن عيسى بن موسى الدين بن محمد بن عيسى بن موسى ابن السلطان جعفر المتوكل على هللا ابن شرف الدين بن محمد بن عيسى بن محمد بن عيسى بن موسى بن السلطان جعفر ابن السلطان محمد المعتصم باهلل بن السلطان هارون الرشيد جعفر المتوكل على هللا بن المعتصم باهلل ابن السلطان أبو الفضل جعفر المتوكل على هللا بن محمد المعتصم باهلل ابن السلطان محمد المهدي بن السلطان عبد هللا المنصور 45 | ص ف ح ة ثم وفي ما بعد عدنان اختالف شتى أصحه ذكره شيخ اإلسالم علي األجهوري على السيرة المذكورة آنفا. فإن عدنان بن أدد أصله ودد بضم الواو فقلبت الواو همزة، بن مقوم بن ناحور، بحاء مهملة مضمومة محركة فراء مهملة، بن يترح بن يعرب بياء تحتية مثناة مفتوحة وعين مهملة ساكنة وراء مهملة مضمومة وباء موحدة تحتية ساكنة، بن يشجب بياء تحتية مثناة مفتوحة وشين معجمة ساكنة وجيم معجمة مضمومة وباء موحدة ساكنة، بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه السالم بن تارح بتاء مثناة فوقية مفتوحة محركة بألف وراء مهملة مكسورة وحاء مهملة ساكنة، بن ارغوا بألف وراء مهملة ساكنة وغين معجمة مضمومة محركة بواو، بن فالخ بفاء موحدة مفتوحة محركة بألف والم وخاء معجمة ساكنة، بن عيبر بعين مهملة وياء تحتية مثناة وباء موحدة تحتية مفتوحة وراء مهملة ساكنة وهو نبي هللا هود عليه السالم بن شالخ بشين معجمة مفتوحة محركة بألف والم وخاء معجمة ساكنة بن أرفخشذ بألف وراء مهملة ساكنة وفاء مفتوحة وخاء معجمة ساكنة وشين معجمة مفتوحة وذال معجمة ساكنة، بن سام بن نوح عليه السالم، واسمه عبد الغفار وإنما سمي نوحا لكثرة نياحه بالبكاء، بن المك بالم مفتوحة محركة بألف وميم مكسورة وكاف ساكنة، بن متوشلخ بميم مضمومة وتاء مثناة فوقية مفتوحة على أشهر اللغات وشين معجمة ساكنة والم مكسورة وخاء معجمة ساكنة، بن اخنوخ، قال الشارح واألشهر خنوخ، وهو نبي هللا إدريس عليه السالم ، بن مهليل بميم مفتوحة وهاء ساكنة والم مكسورة محركة بياء والم ساكنة. قال الشارح وفي االنجيل مهالئيل بن قينن بقاف مثناة مفتوحة وياء تحتية ساكنة ثم نونين األولى مفتوحة والثانية ساكنة، بن يانش بياء مثناة تحتية مفتوحة محركة بألف ونون مفتوحة وقيل مكسورة وشين معجمة ساكنة، ويقال انوش بفتح الهمزة وضم النون مع الحركة معناه صادق، بن شيث بشين معجمة مكسورة محركة بياء وثاء مثلثة ساكنة بن آدم أبو البشر عليه السالم. فهذا ما صح في النقل على أصح الخالف، وقيل ال خالف فيما بين آدم ونابت ألنه نزل به جبريل عليه السالم في التوراة على موسى عليه السالم، وهللا ورسوله أعلم. ثم إنه من الواجب على كل مؤمن باهلل ورسوله في المؤمنين، وخصوصا في تأكد الوجوب أهل العلم والدين، أن يحترموا قوما أعز هللا ورسوله آباءهم وأودعهم الصالح الكامل. فمن عند الشيخ شرف الدين إلى هلم يبلغوا ألف ولي هلل في الدين فاضل. وقد قال بعض الجهال من الناس بفضل ذرية اإلمام أبي بكر على ذرية العباس. أقول إن فضل اإلمام أبي بكر في الخبر منصوص عليه وأما فضل ذريته على ذرية العباس ال نص فيها حتى يجب الرجوع إليه، والمعلوم في كل شيء أولى في الشرع من المجهول، بل إنما التقرب إلى هللا إنما هو بالشرع المنقول، ال بمناسبة أفهام العقول. 46 | ص ف ح ة فإن كثير من تطاول فضاحك بني العباس في األنساب، كان أسكت من سمكة في القصور عن الجواب. وقد ذكر لي بعض أهل العلم من بني العباس في حكاية أنه قال اجتمعنا في جمع كثير من المسلمين، فقال لي بعض أهل العلم من أي أنتم ... ، قال فقلت له من أي نحن أم من أنتم يا جعليين. فقال نحن بني العباس وأنتم ذرية عنتر عبس الكافر. قال فقلت له أيصح هذا في عقل عاقل، أتكونوا أنتم أهل بيت النبوة ويكون غالبكم شراريب خمر وزناة وسراريق وظلماء وأهل فسوق وقطاع طريق، ونحن ذرية الكافر يكون غالبنا يتصف بالديانة واألمانة والمروة، وأنتم مع ما لكم من المكانة يفعلوا غالبكم هذه الخبايث وتنتسبون ألهل بيت النبوة. ثم قال وهللا إنك أقمت علينا حجة بالغة، فإنا نمزح عليكم بهذه المقالة وليس لنا عليكم حجة إال بالمغالبة، وما قلته وهللا فيكم في الفضل الفاخر تمام، وأنتم من ذراري أئمة الدين وذراري خلفاء اإلسالم. وقد تقرب من هذه الحكاية حكاية ذكرها صاحب المستطرف أن السلطان أبو العباس عبد هللا السفاح كان يعجبه منازعة الرجال بعضهم بعضا، فحضر عنده ذات يوم إبراهيم بن مخزمة الكندي وخالد بن صفوان )بن( األهتم فخاضوا في الحديث وذكروا مضر واليمن، فقال إبراهيم بن مخرمة يا أمير المؤمنين إن أهل اليمن من العرب العاربة وغيرهم من العرب المستعربة، وهم الذين دانت لهم الدنيا فلم يزالو ملوكا كابرا عن كابر، منهم النعمان والمنذر، ومنهم عياض صاحب مرج البحرين، ومنهم من يأخذ كل سفينة غصبا، وليس شيء له خطر إال إليهم ينسب. فقال له أبو العباس ما أظن التميمي رضي بقولك هذا. ثم قال فما تقول أنت يا خالد؟ فقال إن أذن لي أمير المؤمنين تكلمت. فقال تكلم وال تخش من أحد. فقال أخطأ المفتخم بغير علم، إلى أن قال فليس لهم لغة صحيحة، وال ألسن فصيحة، نزل بها كتاب وال جاءت بها سنة، فهم يفتخرون علينا بالنعمان والمنذر، ونحن نفتخر عليهم بخير األنام، وأكرم الكرام، محمد عليه الصالة والسالم، فباهلل لنا عليهم المنة على الدوام، بالمآثر الشريفة والبيت الحرام، والركن وزمزم والمقام، وبنا عرفوا الدين، وأتاهم اليقين، فمن زاحمنا زاحمناه، ومن جادلنا اصطلمناه. ثم إنه أقبل على إبراهيم فقال له: ألك علم بلغة قومك؟ فقال نعم. قال له فما اسم العين؟ قال الجمجمة. قال فما اسم السن؟ قال الميدن. قال فما اسم األذن؟ قال الصنارة. قال فما اسم األصابع؟ قال الشنابير. قال فما اسم الذيب؟ قال الكنع. ثم قال أعالم أنت بكتاب هللا تعالى؟ فقال نعم. فقال له قال هللا " فما أرسلنا من رسول إال بلسان قومه" فنحن العرب، والقرآن أنزل بلساننا. ألم تر أن هللا تعالى يقول " العين بالعين" ولم يقل الجمجمة بالجمجمة، وقال تعالى " السن بالسن" ولم يقل الميدن بالميدن، وقال تعالى "األذن باألذن" ولم يقل الصنارة بالصنارة، وقال تعالى " وجعلوا أصابعهم في آذانهم" ولم يقل وجعلوا شنابيرهم في صنابيرهم، وقال تعالى " فأكله الذئب" ولم يقل فأكله الكنع. ثم قال له إني سائلك عن أربع إن جحدتهن كفرت وإن أقررت بهن أسلمت. قال فما هن؟ قال الرسول منا أم منكم؟ فقال منكم. ثم قال له القرآن أنزل علينا أم عليكم؟ فقال عليكم. ثم قال له البيت الحرام لنا أم لكم؟ 47 | ص ف ح ة فقال لكم. ثم قال له األئمة فينا أم فيكم؟ فقال فيكم. ثم قال له فما بعد هذا فهو لكم. بل ما أنتم إال ما بين قائد قرد ودابغ جلد. فضحك أبو العباس وأكرم خالدا وحباهما جميعا. وقد ذكر الخازن بعد تفسير إليالف قريش هذه األبيات حيث قال: قل للذي طلب السماحة والندى هال مررت بآل عبد مناف هال مررت بهم تريد ثراهـم منقول من ضر ومن اكنــاف الرايشين وليس يوجد رايش والقائلين هلم لألضياف والخالطين غنيهم بفقيرهم حتى يكون فقيرهم كالكاف والقائلين بكل وعد صادق والراحلين برحلة اإليالف عمر العال هشم الثريد لقومه رجال مكة اشرف األشراف سفرين بينهما له ولقومه رحلة الشتاء ورحلة االصياف رجعنا إلى تعريف قبائل بني العباس. فكل عباسي في بر السودان صحيح النسب فإنه يتصل نسبه بالشيخ شرف الدين، فمنهم األوناب والصالحاب والحسيناب والحديداب والعفوشة والجمولة والمخوالب والعالياب والمحمداب والسالماب والجملديناب والشتياب والضحياب والبعيواب والجريساب والفرجاب والحرا[يد والعناقريب. وكل فرع من هذه الفروع يتصل نسبه بالشيخ شرف الدين. فإن األوناب نسبة منهم إلى أمهم أوانة بنت عبد الرحيم بن شرف الدين، وأما أبيهم فهو محمد المشهور بالجمه بن عبد الرحمن بن شرف الدين، فإن بنيه سبع رجال، فمنهم عبد الرحمن وعبد الرحيم وعبد هللا المشهور بكلب الريف ألنه كان رجال شعيرا لكون الشعر قائما بجميع جسده ويامه وجابر وشكر هللا وموسى. فمنهم من نسله قليل ومنهم من نما نسله. وأكثرهم نسال عبد الرحمن ونسله من ابنه محمد الجمه. فأوال تزوج بأم ابنه جمل الدين وطمحته وطلقها لكونه رجال مسكينا ومعه بعض خباال في العقل ومن ذلك سموه بالجمه أي جميجمة، ومن أجل ذلك اختار العزوبة زمنا طويال. وأن أوانة بنت عمه يخطبونها الرجال أوالد الناس لكون مال أبيها كله ذهبا ورثته ويتهموها به وأنها تأبى التزويج. فلما طال األمر حيث ما طلبها رجال تأباه، وأن النساء يقلن لها ماذا تطلبي في امتناعك من التزويج. فلما كثر عليها كالم النساء قالت لهن أنا باخذ إال هذا الجمة، إياه هو الذي يشيل عقاب أبواتي. فحينئذ دخلت نفسه فتزوجها وولدت منه سبع عيال ذكور منهم جدنا رحمة هللا وهو الحاج الكبير. وأما الحاج الصغير اسمه حمدت هللا بن عون هللا بن الحاج الكبير رحمة هللا. وجود هللا وعبد هللا وجريس وحسين وسرير وسرحان وصاحب وصاحبين. قط ما ولدت معهم أنثى. فمنهم من كان نسله كثيرا ومنهم من قل نسله ومنهم من ال أدري بنسله 48 | ص ف ح ة من طول الزمان الذي بيننا وبينهم. وما أدركنا من أجدادنا إال خط األنساب الموضوعة في النسبة. فكانوا أوالد أوانة كلهم يقولوا لهم األوناب هم ونسلهم، وفي زمن األجداد األقربين قصروا اسم األوناب على ذرية الحاج رحمة هللا، وفي زمن اآلباء قصروا اسم األوناب على ذرية الحاج الصغير حمت هللا بن عون هللا بن الحاج الكبير رحمة هللا. ولقبوا جدنا أبي بكر بالدرملي وقالوا لذريته الدراملة وهم أكثر من جميع ذرية الحاج الكبير. وجود هللا هو جد العفوشة وجريس هو جد الجريساب وحسين جد الحسيناب. وفي خط نسبة اآلباء أنهم كانوا يسكنون كرقس وأمن وأم عقارب كالولي ابن الحاج حسين قبره اليوم مزار وتنسب ساقيته تحته العباسية. وفي كرقس كانوا البدرناب في داخلها منهم الولي العالم الفقيه عيسى بن قيزان بن بدران. وأما ذرية سرير تفرعت على فرعين عظيمين الحديداب والصالحاب. أما الحديداب نسبة منهم إلى جدهم إدريس الحديد بن طه بن مسلم بن سرير بن محمد الجمه بن عبد الرحمن بن الشيخ شرف الدين بن محمد بن عيسى بن موسى بن السلطان أبو الفضل جعفر المتوكل على هللا بن السلطان أبو اسحاق محمد المعتصم باهلل بن السلطان أبو جعفر هارون الرشيد. وأما الصالحاب تفرعوا من صالح بن شعدين بن مسلم بن سرير بن محمد الجمه بن عبد الرحمن بن شرف الدين. كذا رأيته في نسبة اآلباء واألجداد. وهذين الفرعين غالبهم مشهورون بالدين والصالح. وأما ذرية الحاج رحمة هللا منهم أناس صالحون كالفقيه الولي محمد بن سليمان وأخيه قرشي وابن أخيهما الفقيه محمد بن مدني المشهور باإلحيمر. وأجدادنا كلهم من محمد بن أبي بكر واحد بعد واحد والية بحمد هللا وعلم وأمانة وإصالح وكلهم حفظاء كتاب هللا، وفي تلك الصفات ليس يماثلهم واحد من بني العباس. ففي القرن الذي أدركناه يبلغوا نحو أربعبن حافظا وخمسة عشر عالما وهكذا في القرن الذي كان قبل قرننا وهكذا في القرن الثالث كما نقل إلينا وتواتر به الخبر عن الثقاة علينا. وهذا كله في بني العباس قليل. وأظن نفسي أني أقلهم علما وأضعفهم فهما, وهللا يقول الحق وهو يهدي السبيل. ما شاء هللا ال قوة إال باهلل وهو حسبي ونعم الوكيل. فلو اشتغلنا بذكر مناقب فروع بني العباس لما وسعنا هذا الكتاب فيما نعلمه وال حول وال قوة إال باهلل العظيم. فيا إخوتي في هللا اقتدوا بي في ترك الحسد والحقد، فإني وهللا العظيم مظلوم من جميعهم، تمالوا بالباطل علي جميعهم ، الصالحين منهم والطالحين، واستخفوا بمالقاة 49 | ص ف ح ة رب العالمين، والعلماء منهم والجاهلين، فكانوا سببا إلى اللجا إلى هللا في البواعث، حسبما قدره هللا تعالى في المباحث. فعصبوا األقارب على غصب مالي من العقار، حتى أنهم منعوني مسكن البيت والجوار، ولم أجد سوى هللا ورسوله مجيرا، وكفى باهلل وليا وكفى باهلل نصيرا. فمن عظيم ما هم فيه من الحقد والحسد المذكور أنهم تمالوا على قتلي وشتات شملي بالبهتان وشهادة الزور، وإني وهللا ثم وهللا لو وجدت بقعة البيت لما قللت وال كثرت معهم في شيء من الكالم، ولكن أكثروا علي الحقد وأفرطوا في تشعب الفتن والخصام وقد تراكمت علي مصائب ال تحملها الجبال الرواسي، إذ لو صبت على جبل لكاد أن يذوب من صب هذه المحن القواسي. ولكن العبد على ما قدره هللا تعالى مجبوال، وليقضي هللا تعالى أمرا كان في أزله مفعوال. ولوصب على جبل ما أنا فيه لكاد أن يذوب، وما صبري إال باهلل على هذا المقدر المكتوب. فلما علمت إصرارهم على ما هم فيه من سوء الحال، فزعت إلى هللا باللجا وصدق االبتهال، وصرت على الدوام واقفا بين يديه، وكذب من يقول أقبلت على هللا ولم يفرج عليه. وقد عصمني هللا عن أذيتهم وأذية كل متكبر غشيم، ومن يعتصم باهلل فقد هدي إلى صراط مستقيم. فأصدق شاهد على ما هم فيه من الباطل في العالمة، استنكافهم بالتمرد عن جادة الشرع واالستقامة، وانعكس عليهم وضيع ما أضمروه علي من السوء في العناد، وأقول وأفوض أمري إلى هللا إن هللا بصير بالعباد. حتى صار منهم من يموت بموت الفجأة على صحة األبدان، ومنهم من يأخذه في الحين مرض القولنج بالتعاون على العدوان. وصاروا يرموني لالزدراء بعمل األسحار، وعلى رؤؤس األشهاد يتهددوني بالقصاص والثار. وأكثروا في ذلك حتى أمرهم قد أفرط، ووهللا العظيم إني ال أعلم شيء من السحر قط، حتى تطير من مساعدتهم علي كل ذي شوكة وكل جبار عنيد، وكل ذي ظلم وكل صاحب عدوان شديد. وما أدى إلى هذا إال موت السنة المحمدية، وتطاول أهل الجهل بما هم فيه من الصفات الردية. واستبدل كل أحد سعادة اآلخرة بما يشقيه، وتكلم بالجهل فيما ال يعلم حكم هللا تعالى فيه. وقل من يتصف من الناس بالصفات الكريمة، التي كان عليها سلف األمة أهل القلوب السليمة.



انتهى الملحق