الخميس، 16 يونيو 2022

العبابسة بنو العباس في السودان - نسبهم وتاريخهم وتراجم أعلامهم - تأليف نخبة من أبناء العبابسة - الجزء 2

 الجزء الثاني

من صفحة 7 إلى صفحة 16
متى ولد الشيخ شرف الدين ومتى أتى للسودان
من الأهمية بمكان لتحقيق نسب العبابسة بني العباس في السودان الذين ينحدرون من
الشيخ شرف الدين أن نحدد تقديرا معقولا لميلاد ذلك الشيخ، ثم على ضوئه ننظر في
مدى صحة السلاسل المطروحة لذلك النسب.
اولا : حسب رواية النبر فإن الشيخ شرف الدين أتى للسودان زمن العنج، والعنج كانوا
موجودين حتى زمن أولاد م سل م ولدينا طه وشع الدين ابنا م سل م ابن سرير ابن محمد
ال ج مة ابن عبد الرحمن ابن الشيخ شرف الذين يفصلهما عن شرف الدين خمسة أجداد بما
يعادل 16٠ سنة على الاقل حسب قاعدة ابن خلدون التي تنص على أن كل ثلاثة أجداد
تعادل 1٠٠ سنة. ثم جاءت بعد العنج قبيلة جعل المشهورة قبل حوالي قرن أو أقل بقليل
من قيام دولة الفنج الذي تم في عام 1٥٠٤ م. يعني ميلاد شرف الدين يفصله عن قيام
دولة الفونج أكثر من 26٠ سنة اذا اعتمدنا قاعدة ابن خلدون في هذه الحسابات. عليه
يكون تاريخ ميلاد الشيخ شرف الدين حول سنة 12٤٠ م.
ثانيا: الروايات الشفهية المتداولة تقول إن الشيخ شرف الدين غادر بغداد قبل سقوطها بيد
المغول عام 12٥8 م وجاء الى مصر بصحبة الخليفة - لاحق ا - الحاكم بأمر الله أحمد عام
1262 م. ويبدو هذا تاريخا معقولا لمغادرة الشيخ شرف الدين لبغداد فلا نرى دافعا
لمغادرته بغداد قبل ذلك. إضافة لذلك فقد اتضح أن الشيخ شرف الدين قد خل ف ذرية
وراءه بمصر يقولون مثلنا أن جدهم شرف الدين من ذرية عيسى ابن موسى ابن محمد
ابن المتوكل على الله جعفر العباسي البغدادي، مع اختلاف طفيف في تسلسل النسب من
شرف الدين إلى المتوكل على الله جعفر. أبناء عمومتنا العباسيون هؤلاء، وإن كانوا لا
يسمون أنفسهم العبابسة، يقولون أن جدهم شرف الدين جاء إلى مصر عام 1262 م. يجب
الإشارة إلى أن النسابة المصريين خلقوا لبني عمومتنا هؤلاء بلبلة حول شرف الدين نحن
وهم في غنى عنها. جدنا المشترك شرف الدين هذا سليل عيسى ابن موسى ابن محمد
مات ودفن في الكاسينجر وقبره ظاهر يزار. ولا نشير إليه بالأمير شرف الدين وإنما
بالشيخ شرف الدين. وهناك روايات شفهية تقول إن الشيخ شرف الدين مكث حوالي ٤٠
سنة في مصر حيث نسل ذريته العريضة هناك ثم غادر إلى السودان، وهو شيخ كبير
في حوالي السبعين من العمر، بصحبة بعض ذريته وبعض إخوانه.ولعل السبب في
رحيلهم هو الأحوال المعيشية الصعبة، لأنه كما تشير المصادر حتى الخلفاء العباسيين
وذراريهم كانوا لا يتلقون النفقة الكافية من الحكام المماليك. باعتماد هذه الرواية يكون
ميلاد الشيخ شرف الدين حوالي 12٣٠ م. أما دخوله السودان يكون حوالي 1٣٠٠ م.
ص ف ح ة | 8
ثالثا: ليس هناك من يشكك في سلاسل النسب من عندنا إلى الشيخ شرف الدين لمختلف
فروع العبابسة، وقد يسقط اسم او اسمان من سلاسل بعض الفروع بسبب السهو من
النساخ ولكن هذه يمكن تداركها. أهمية هذه السلاسل الصحيحة أنها يمكن أن تستخدم
لتقدير تاريخ ميلاد الجد الأكبر، في حالتنا الشيخ شرف الدين، من سلاسل النسب إلى
ذلك الجد. ذلك أن كل اسمين في سلسلة النسب هما أب وابن يفصلهما مقدار من الزمن
يمكن التكهن حوله. قاعدة ابن خلدون المجربة على كثير من الأنساب تقول إن الفرق بين
عمر الأب والابن في سلسلة النسب يعادل في المتوسط بين ٣٣ و ٣٤ سنة. لاحظ كلمة
في المتوسط، لإن الفرق بين عمر الاب والابن يتفاوت من حالة لأخرى وبسبب ذلك
نستبدله بالمتوسط. طبعا عند فحص سلسلة ما والنظر إلى كل ابن في السلسلة لا نعرف
هل هو الابن البكر لأبيه، هل سبقته بنات، هل سبقته وفيات، كم كان عمر أبيه عند ولادته
وغير ذلك. كل هذه الاشتراطات مجهولة في الغالب بالنسبة لنا. وعند أخذ كل هذه
الاحتمالات في الاعتبار يبدو أن متوسط ٣٣ أو ٣٤ للفارق بين عمر الأب والابن في
السلسلة معقولا. ويسمى هذا الفارق اصطلاحا بطول الجيل. وهناك دراسات حديثة تعضد
قاعدة ابن خلدون. من المهم الإشارة إلى أن قاعدة ابن خلدون تعطي نتائج أدق كلما كانت
السلاسل المعنية طويلة نوعا ما، أو طبقت على سلاسل كثيرة لنفس الجد وأخذ المتوسط.
كمثال على أن القاعدة يمكن أن تؤدي الى نتائج غير دقيقة نأخذ كاتب هذه السطور
المولود حوالي 1٩٥٠ م ويفصله 7 اجداد عن جده الحاج سعد المولود حوالي 16٥٠ م،
أي يفصله ٣٠٠ سنة عن جده. المفترض حسب قاعدة ابن خلدون أن يفصله حوالي 2٤٠
سنة. لاحظ أن طول الجيل في هذه الحالة نحصل عليه بقسمة ٣٠٠ علي 7، لنحصل
على حوالي ٤٣ سنة، وكما قلنا أن ٣٣ هو متوسط لطول الجيل وبطبيعة الحال هناك
حالات أقل منه وهناك حالات أكثر منه، والسلسلة التي بين ايدينا ليست طويلة بما يكفي.
لنأخذ الآن بعض السلاسل للجد شرف الدين لنستخدمها لتقدير تاريخ ميلاد متوسط له.
لدينا الحاج سعد المولود سنة 16٥٠ م ويفصله 1٤ جدا عن شرف الدين. حسب قاعدة
ابن خلدون يكون ميلاد شرف الدين حوالي 1188 م.
لدينا ايضا الشيخ إبراهيم القلوباوي المولود سنة 16٩٥ م ويفصله 1٤ جدا عن شرف
الدين. حسب قاعدة ابن خلدون يكون ميلاد شرف الدين حوالي 12٣٣ م
بأخذ المتوسط بين هذين الشيخين نحصل على تقدير أدق لميلاد الشيخ شرف الدين عند
سنة 1211 م. اذا حسبنا من عندنا إلى شرف الدين تكون السلاسل أطول ويرجح أن تكون
أكثر دقة في التقدير. كاتب هذه السطور، من أحفاد الشيخ محمد، مولود حوالي 1٩٥٠ م
ويفصله 21 جدا عن شرف الدين، حسب سلسلته يقدر تاريخ ميلاد شرف الدين في سنة
ص ف ح ة | 9
12٥7 م. واذا حسبنا بأكبر أحفاد الشيخ محمد المولود في 1٩1٠ م ويفصله نفس العدد
من الجدود يقدر تاريخ ميلاد الشيخ شرف الدين عند 1217 م. بأخذ المتوسط لحفيدي
الشيخ محمد المذكورين نقدر ميلاد الشيخ شرف الدين عند 12٣7 م. وهناك سلسلة مهمة
هي سلسلة الفقيه محمد أكبر أبناء الحاج محمد الحاج سعد ولد حمار الذي ورد اسمه في
وثيقة الجزيرة الجنيقابية، المؤرخة في 16٤8 م ويقدر تاريخ ميلاده في حوالي 162٠ م
ويفصله 1٣ جدا عن شرف الدين. وحسب سلسلته يقدر تاريخ ميلاد شرف الدين عند
11٩٠ م. عموما متوسط تاريخ ميلاد الشيخ شرف الدين، بأخذ متوسط كل هذه القيم،
يحوم حول سنة 12٣٠ م، أو على الأقل لا يتعارض مع ذلك التاريخ.
بناء على الحجج القوية المذكورة في الفقرات الثلاثة أعلاه نرجح أن الشيخ شرف الدين
ولد حوالي 12٣٠ م، ودخل السودان حوالي 1٣٠٠ م. وهذا لا ينفي قطعيا أن يكون الشيخ
شرف الدين قد ولد قبل ذلك وأتي للسودان في عهد حكم الدولة الفاطمية لمصر، كما تقول
بعض الآراء، والشيخ النبر لا يزيد على القول بأن الشيخ شرف الدين أتي زمن العنج
ولا يحدد زمنا لذلك. على أن هذه الآراء تحتاج مزيدا من الدلائل.
قبل أن ننهي هذا الجدل نشرح كيف أن سلاسل النسب للجد المشترك يمكن أن تستخدم
لتحديد أبكر وأوخر تاريخ لميلاد ذلك الجد.
نعرف أن عمر الأب عند ولادة ابنه الذكر البكر يتفاوت من حالة لأخرى. أقل عمر للأب
يكون عندما يتزوج الأب مع البلوغ مباشرة، ثم تحمل زوجته مباشرة وتلد مولودها بعد
تسعة أشهر وعشرا، أو بعد سبعة أشهر في بعض الحالات، ويكون ذلك المولود ذكرا.
نقدر عمر الأب في هذه الحالة، أي عند الولادة، بحوالي 16 سنة. وهذه حالة نادرة نوعا
ما. فقد يتأخر المولود الذكر الأول عن ذلك بسبب تأخر سن الزواج، أو بسبب تأخر
الولادة، أو بسبب أن المولود الذكر الأول سبقته في الولادة أنثى أو أكثر. وإذا أخذنا في
الاعتبار مدى التباعد بين الولادات في حالة كون المولود الذكر الأول سبقته أنثى أو
أكثر، وأيضا وفيات الأطفال الرضع فإنه لن يكون من المجحف أن نضع متوسط عمر
الاب عند ولادة ابنه الذكر الأول الذي يعيش لينسل ذرية خاصة به عند 2٠ سنة أو أكثر.
طبعا نحن نريد أن نقدر متوسط الفارق الزمني بين الأب والابن في سلسلة نسب وفي
هذه الحالة يكون الابن في السلسلة قد نسل نزولا الى الشخص الأخير في السلسلة الذي
لا نشترط أن يكون قد نسل.
وإذا اعتمدنا متوسط الفارق الزمني بين الأب والابن على أنه ٣٣ سنة يكون متوسط
الفرق الزمني بين الاب وأصغر أولاده الذكور حوالي ٤٥ سنة.
ص ف ح ة | 10
أي أن
متوسط أقل فارق 2٠ سنة
متوسط الفارق ٣٣ سنة
متوسط أكبر فارق ٤٥ سنة
عليه من كل سلسلة يمكن تقدير زمن متوسط لميلاد ذلك الجد ثم نحصره بين تاريخين
يقيسان مدى الخطأ في التقدير
مثلا باستخدام سلسلة شخص ولد في 1٩٤٠ م ويفصله 22 جدا عن شرف الدين نحصل
على
ابكر تاريخ لميلاد شرف الدين ٩٥٠ م
اوسط تاريخ لميلاد شرف الدين 121٤ م
اوخر تاريخ لميلاد شرف الدين 1٥٠٠ م.
لاحظ أن احتمال الميلاد عند أحد الطرفين ضعيف ولكنه يتزايد كلما اقتربنا من الوسط،
وإذا أخذنا متوسط هذين الطرفين، بجمعهما والقسمة على اثنين نحصل على تقدير
122٥ م.
وإذا أخذنا سلسلة الفكي محمد ابن الحاج محمد الحاج سعد ولد حمار المولود حوالي
162٠ م ويفصله 1٣ جدا عن شرف الدين نحصل على
أبكر تاريخ لميلاد شرف الدين 1٠٣٥ م
أوسط تاريخ لميلاد شرف الدين 11٩٠ م
أوخر تاريخ لميلاد شرف الدين 1٣6٠ م.
بجمعهما والقسمة على اثنين نحصل على تقدير 12٠٠ م تقريبا.
لاحظ أنه حسب هذا السلسلة من المستحيل تقريبا أن يكون الشيخ شرف الدين قد ولد بعد
سنة 1٣6٠ م، كما قد يتوهم بعض الباحثين. كذلك من المستحيل تقريبا أن يكون قد ولد
قبل 1٠٣6 م.
ص ف ح ة | 11
توثيق نسب العبابسة: الروايات المختلفة والترجيح بينها
العبابسة كما هو معلوم وكما استفضنا القول فيه من قبل يقولون إنهم من نسل الخلفاء
العباسيين. بل إنهم يأخذون نسبتهم الى العباس مباشرة كدليل على صحة نسبهم وتواتره.
انظر الى النبر حيث يقول
"ثم إن قال قائل أين بني العباس الذين صحت نسبتهم إلى العباس في العلوم، قلت هم من
اشتهروا باسم جدهم عند الخصوص والعموم" يقصد بأنهم عباسيون بشهرة التسمية
والانتساب للعباس مباشرة. ومع ذلك فليس للعبابسة عمود نسب متفق عليه يصلهم
للعباس رضي الله عنه. ولا يشكل هذا معضلة كبيرة لأنه كما يرى خبراء الأنساب فإن
عمود النسب شرط كمال لا شرط صحة في اثبات الأنساب. المطلوب لصحة النسب
تحقق الشهرة أو الاستفاضة الصحيحة كما يقول الشريف إبراهيم بن منصور الهاشمي
الأمير، وما ذكره من أن هذا رأي العلامة الماوردي ووافقه عليه آخرون. لمن يريد
المزيد من التوضيح عليه بمشاهدة الفيديو الذي تكرم بإنزاله الأخ الدكتور عامر عبد
الحميد في مشاركة سابقة في مجموعة شجرة ونسب العبابسة على الواتساب. ولانكتفي
كعبابسة بالشهرة فقط كدليل على صحة النسب بل نتوخى أن يكون لدينا عمود نسب
يستوفى الشروط المطلوبة من حيث عدد الأسماء وأزمان تواجدها.
والعبابسة غالبا ما يرجعون في أنسابهم الى الشيخ النبر. وتسلسل عمود النسب للشيخ
شرف الدين في كراسة النسب الكبير وبعض النسخ من كراسة النسب الصغير هو
شرف الدين بن محمد بن موسى بن عيسى بن المتوكل على الله جعفر الخليفة
العباسي البغدادي المعروف.
ويفصل شرف الدين عن المتوكل جعفر في هذا العمود ٤ جدود فقط، وهو أمر لا يقبله
عاقل. فشرف الدين ولد حوالي سنة 12٣٠ م والمتوكل على الله جعفر ولد حوالي سنة
82٠ م وتوفي عام 861 م ويفصله عن شرف الدين حوالي ٤٠٠ سنة لا يمكن تغطيتها
باربعة جدود. وهناك عدة أنساب تبعت النبر في هذا التسلسل سنعرض عددا منها في
فصل لاحق.
هناك أيضا عمود نسب يغيب عنه المتوكل ويربط شرف الدين بالخليفة المعتصم البغدادي
وهو لأحد نسخ كراسة النسب الصغير يلقب بلبيخ على النحو التالي
ص ف ح ة | 12
شرف الدين بن محمد بن موسى بن عيسى بن المعتصم بالله محمد الخليفة العباسي
البغدادي المعروف.
وهذا أيضا لا يمكن قبوله لنفس الأسباب أعلاه.
وبالنسبة لبني عمومتنا في مصر فإن عمود نسب شرف الدين يتسلسل كالتالي
شرف الدين بن تمام بن مالك بن محمد بن عيسى بن موسى بن محمد بن جعفر
المتوكل على الله
وهذا النسب أيضا به سقط واضح للاسماء بين شرف الدين ومحمد بن عيسى بن موسى.
الجدير بالذكر هنا أن عيسى بن موسى بن محمد بن جعفر المتوكل على الله شخصية
تاريخية معروفة سنفرد لها مساحة لاحقة، ولكن يبدو أن القليل من النسابة في مصر
والسودان كان يعرف ذلك.
السؤال الملح هو كيف لم ينتبه نسابة العبابسة لهذا العيب الواضح في عمود النسب.
الإجابة يبدو أنهم انتبهوا وحاولوا ايجاد مخرج للعمود. الحل تمثل في أن القاب المتوكل
والمعتصم الواردة في نسب النبر ولبيخ قد تكون للخلفاء العباسيين المصريين وليس
البغدادين، وأنه ربما اختلط الامر على النسابين، وهو أمر وارد لطول المدة.
فرع العبابسة الحطاطيب اعتبر أن المتوكل على الله الوارد في نسب النبر هو في الحقيقة
ابو عبد الله محمد المتوكل على الله الخليفة العباسي المصري. كما اعتمد أسماء إضافية
بين شرف الدين وعيسى بن موسى في اشتراك مع عمود النسب الثالث المعتمد من معظم
فروع العبابسة، وسنذكر عمود نسب الحطاطيب بعد ذلك النسب.
أما المعتصم بالله في نسب لبيخ فاعتبر البعض، فيما يبدو، أن المقصود به الخليفة المعتصم
بالله العباسي المصري. وسلسلة هذا النسب استقيناها من وثيقتين بحوزة الاستاذ زروق
الفكي وتخصان، فيما يبدو، من سماهم السناريين الأزهريين من أسرتهم ذرية الشبخ
محمد العباسي ود تومة بدونتاي. وإحدى الوثيقتين وإن كانت ممزقة ولكن مذكور فيها
أنها نسبة مبارك النذير العباسي الأزهري، وكاتبها موسى أحمد العباسي، وتاريخ كتابتها
سنة 12٩٥ هجرية، وعليها ختم المنسوب. والوثيقتان معا تعتمدان التسلسل الآتي لشرف
الدين:
ص ف ح ة | 13
الشيخ شرف الدين بن محمد بن عيسى بن موسى بن المعتصم بالله أبو يحيى المصري
دولة بن إبراهيم بن محمد بن الحاكم بن الحسن بن علي القبي بن أبي منصور جعفر
الراشد بالله بن الفضل المسترشد بن المستظهر أحمد بن عبد الله المقتدي بأمر الله بن
محمد بن عبد الله القائم بأمر الله بن أحمد القادر بالله بن اسحاق بن جعفر المقتدر بالله
بن أحمد المعتضد بالله بن الموفق بالله بن جعفر المتوكل على الله
... إلى آخر النسب المعروف
آخر شخصية لها ترجمة في المراجع في هذه السلسلة هو الخليفة المعتصم بالله، ويشار
إليه ايضا بالمستعصم بالله) الثاني( وهو من الفرع الثاني للخلافة العباسية بمصر المنحدر
من ولي العهد محمد المستمسك بالله بن الخليفة أحمد الحاكم بأمر الله. المهم أن الخليفة
زكريا المعتصم بالله ولد حوالي 1٣٠1 م ويفصله عن شرف الدين ٤ أجداد مما يضع
تاريخ ميلاد شرف الدين قريبا من 1٤٠٠ م وتاريخ دخوله السودان بعد ذلك بكثير.
لاحظ أننا استنتجنا من وثيقة الجزيرة الجنيقابية أن احتمال أن يكون الشيخ شرف الدين
ولد بعد سنة 1٣6٠ ضعيف جدا. عليه يبدو أن هذه السلسلة لا تتوافق مع تقدير معقول
لتاريخ ميلاد شرف الدين وإن كانت فرصتها أكبر من سلسلة الحطاطيب.
وهناك عمود نسب آخر يعتمد أسماء بين شرف الدين وعيسى بن موسى ومعتمد من كثير
من فروع العبابسة وربما يكون هو الاصح كما سنرى عندما نخضعه للعديد تمن
الاختبارات. و تسلسل هذا النسب المعتمد عند معظم فروع العبابسة، بعد أخذ التقديم
والتأخير والحذف عند بعض الفروع، هو
شرف الدين بن يعقوب بن سعد الدين بن عز الدين بن يعقوب بن عبد الرحمن بن
محمد بن عيسى بن موسى بن محمد بن الخليفة جعفر المتوكل على الله البغدادي
السلسلة من عيسى بن موسى إلى المتوكل البغدادي موثقة تاريخيا، بمعنى أن عيسى بن
موسى بن محمد كما ذكرنا شخصية معروفة ولها اسهامات في رواية الحديث، ومحمد
بن المتوكل المذكور هنا هو واحد من عشرة ابناء للمتوكل كلهم باسم محمد ويتم التفريق
بينهم بالكنية وجدنا محمد المذكور في هذه السلسلة هو محمد أبو محمد.
حسب هذه السلسلة الشيخ شرف الدين يفصله 1٠ جدود )أو أجيال(عن المتوكل على الله
جعفر، وهذا العدد ليس قليلا، كما قد يبدو للبعض، بل هو مناسب جدا كما سنرى عند
ص ف ح ة | 14
مقارنته مع شخصية عباسية أخرى معروفة اسمه ابن ش ف نين من رواة الحديث أيضا ومن
أحفاد محمد أبو عيسى بن المتوكل البغدادي ويفصله 1٠ جدود عن المتوكل.
وعليه فتسلسل نسب الحطاطيب يكون
شرف الدين بن يعقوب بن سعد الدين بن عز الدين بن يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد
بن عيسى بن موسى بن محمد أبو عبد الله المتوكل على الله الأول، الخليفة العباسي
المصري، بن أبو بكر بن سليمان بن أحمد الحاكم بأمر الله بن حسن بن أبي بكر بن
حسن بن علي القبي بن الفضل بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن
إسحاق بن جعفر بن أحمد بن محمد بن جعفر المتوكل على الله البغدادي
الحاكم بأمر الله أحمد هو ثاني الخلفاء العباسيين بمصر ووالد كل الخلفاء العباسيين من
بعده. ومع إن تاريخ ميلاده غير معروف فإن تاريخ ميلاد ابنه سليمان والذي تولى الخلافة
من بعده معروف. فقد ولد سنة 128٥ م وتوفي سنة 1٣٤٠ م. أما موسى ابن الخليفة محمد
المتوكل على الله فقد ولد سنة 1٣86 م وتوفي سنة 1٤86 م. ويفصل موسى هذا عن
شرف الدين 8 جدود ) أو ستة جدود في وثيقة لدينا لواحد من منتسبي الحطاطيب(. مهما
يكن من أمر فإن موسى المتوفى قبل 18 سنة فقط من قيام دولة الفونج لا يمكن أن يكون
الجد السادس للشيخ شرف الدين. عليه فإن نسب الحطاطيب بصورته الحالية لا يمكن
قبوله.
قد يقول قائل إن جوهر نسب الحطاطيب هو أن المتوكل على الله الوارد في نسبة النبر
هو أبو عبد الله المتوكل على الله أالأول العباسي المصري، وأن سلسلة الأسماء - يعقوب
بن سعد الدين بن عز الدين بن يعقوب بن عبد الرحمن – لا أصل لها. عند ذلك يكون
نسب الحطاطيب المعدل كما يلي
شرف الدين بن محمد بن عيسى بن موسى بن محمد أبو عبد الله المتوكل على الله
الأول، الخليفة العباسي المصري، بن أبو بكر بن سليمان بن أحمد الحاكم بأمر الله بن
حسن بن أبي بكر بن حسن بن علي القبي بن الفضل بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن
عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن جعفر بن أحمد بن محمد بن جعفر المتوكل على الله
البغدادي
وهذا أيضا لا يتوافق مع تاريخ ميلاد شرف الدين المقدر ولا قريبا منه. عموما نسب
الحطاطيب يحتاج إلى بينات جديدة قوية ليست متوفرة الآن.
نعود الآن للتسلسل الذي قلنا إنه معتمد من معظم فروع العبابسة.
ص ف ح ة | 15
شرف الدين بن يعقوب بن سعد الدين بن عز الدين بن يعقوب بن عبد الرحمن بن
محمد بن عيسى بن موسى بن محمد بن الخليفة جعفر المتوكل على الله البغدادي
من الذين نظروا في هذا النسب مع أنساب أخرى لذرية شرف الدين في مصر والسودان
النسابة المدقق الشريف حاتم بن أحمد العباسي شقيق الشريف حسني بن أحمد العباسي
رحمهما الله. وكما هو معروف فإن الشريف حسني كان الأمين العام للسادة العباسيين في
العالم العربي والإسلامي وله الكتاب المهم الأساس في أنساب بني العباس وهو وأسرته
عباسيون من ذرية الخليفة العباسي الطائع لله عبد الكريم ابن الخليفة المطيع لله الفضل.
كانت الخلاصة التي خرج بها الشريف حاتم بعد فحصه لكل هذه الأنساب بما فيها النسب
أعلاه أنه أولا هنك سقط للأسماء بين شرف الدين والمتوكل على الله جعفر، وثانيا الأسماء
المنسوبة للدين لم تنتشر إلا في أواخر الدولة العباسية. كما أنه افترض أن شرف الدين
انتقل إلى السودان نهاية القرن التاسع وبداية القرن العاشر.
على العموم من أراد التدبر في آراء الشريف حاتم العباسي سيجدها ضمن الوثائق الملحقة
بهذا الكتيب. وهذه الانتقادات لا تقتصر على الشريف حاتم العباسي ويجب التصدي لها
بحجج معقولة. طبعا الشيخ شرف الدين لم ينتقل إلى السودان في تلك الفترة التي تصادف
ما قبل قيام دولة الفونج بقليل، وبعد قيامها بقليل، وأي وثيقة نسب من عندنا إلى شرف
الدين يمكن أن تكشف ذلك، خصوصا وثيقة الجزيرة الجنيقابية المؤرخة في 16٤8 م
والتي من الموقعين عليها شيوخ يفصل بعضهم عن شرف الدين 1٤ جدا أو أكثر.
أما بخصوص قلة الأسماء فسنجري مقارنة بين نسب الشريف حسني العباسي المتاح
على الانترنت ونسب أفراد من ذرية الحاج سعد من نفس العمر ونرى ما ينتج عن ذلك.
سنرى ىأن عدد الأسماء التي توصلهم من هذا الزمن إلى المتوكل على الله جعفر هو نفس
العدد الذي يوصل ابناء عمومتنا. بل إن عدد الأسماء عندنا قد يكون أكثر بقليل. كذلك
فإن الأسماء المنسوبة للدين عندنا تظهر في نفس الترتيب الذي تظهر فيه عندهم. عليه
فإن هذه المقارنة تبطل المأخذين الذين أوردهما الشريف حاتم رحمه الله. وحيث أن نسب
أسرة الشريفين، رحمهما الله، من الأنساب العباسية القوية فإن هذا يضفي مزيدا من القوة
للتسلسل أعلاه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق