هي أم سلمة بنت الحسن طويلب . ترملت مبكرا لها ابن واحد يسمى الحاج سعد توفي قبل أن ينجب .. لعمتنا أم سلمة رحمة الله عليها علاقات دم متشعبة ومتفردة .. تأتي عجوز من الباقير لتمكث معها عدة أيام .. تسأل .. يقولون لك هذه هي الحاجة بنت عثمان ابو حجل أخت العمدة سلمان ابوحجل .. تسأل عن سبب الزيارة ... يقولون لك إنها أختها من أمها.. كذلك تغيب حاجة أم سلمة وتظْلم الخلوات وتسأل عنها .. يقولون لك إنها في الباقير تجمع في حقوقها ... تشاهد حاجة ام سلمة قرب محطة القطار .. تسأل إن شاء الله خير و ما في عوجة .. يقولون لك كل خير فقط أم سلمة مسافرة بربر لتزور حلة يونس غربي بربر لتواصل أرحاما لها هناك وتجمع حقوقها ...مات مولانا السيد علي الميرغني وأقيم له عزاء في الخلوات ... كانت حاجة أم سلمة هي التي تتلقى عزاء النسوان .. تسأل عن السبب .. يقولون لك أن السيد علي يبقى لها (قريبها)
رحلت حاجة أم سلمة عن دنيانا في ثمانينيات القرن الماضي .. لا بد أن يوم رحيلها كان يوما فارقاً في تاريخ الخلوات .. هو رحيل الحكمة والوقار والذكاء ونكران الذات .
منذ أن وعينا رأيناها على تلك الصورة... الأيام تمر بنا ولا تغشى عمتنا.. امرأة جسيمة بعض الشيء ، ذات صوت جهوري ولكنه مقبول ومحبب ، يكسي وجهها نوع من السكينة والوقار ونظرة وادعة لم تغيرها السنين ولم يطمسها طول الترمل وموت الولد ... يوم الجمعة تملأ سبيل المسجد وعند ما ينادي المنادي للصلاة تلبس ثوبها الأبيض وتطل عليك من قوز حوشها ... الثوب الأبيض والمسبحة في اليد والوجه السمح .. النظرة القانعة الراضية والوقار الذي يحف بها من كل مكان.. ويقيني أن الملائكة كذلك تحف بها في تلك الساعة--في الحديث النبوي عن الذاكرين-- ( إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ..)
عمتي الحاجة أم سلمة كرست الجزء الذي حضرناه من حياتها في حفظ الحقوق ،، فهي الوارثة في أغلب الديار وهي الوكيلة لمعظم الغائبين تحفظ أنصبة الوارثين وكيف وصلتهم هذه الأنصبة وهذا يحتاج إلى خلفية ومعرفة بالقرابات والنسب إضافة إلى إلمام بأحكام الشرع في الميراث وتقوم بتقسيم أصعب المواريث التي تشمل بنينا وبناتا وزوجات والوارث عن كلالة وتطبق أصعب العمليات الحسابية المشتملة على عمليات قسمة الكسور .
ولأنها كما ذكرنا فهي الوكيلة عن معظم الحقوق لذا فهي المسيطرة عند قطاع التمر ،، سيطرة في سماحة وتسامح مع اللقاطين والقراعين .. حق اللقاطين كما ذكرت في حلقة سابقة يقاس بالهين – المد – ولأن عمتي أم سلمة رحمة الله عليها امرأة كريمة و أجوادة بطبعها .. كان البعض في القطاع وانا منهم نرفض ونتحايل ألا ناخذ حقنا من مساعداتها ونصر أن نأخذه منها شخصيا . تجد التمر مشرور في حوشها كويمات كويمات طبقا لكويمات الورثة .. لا ترقيم ولا كتابة في دفتر... إضافة لذلك فإن عمتي الحاجة أم سلمة رحمة الله عليها رقم مهم في مناسبات الخلوات الكبيرة .. تجدها تشرف على أكبر الحلل واهمها وتشرف على الكميات والتقسيم في الصحون ..
كانت عمتنا الحاجة أم سلمة تجد القبول والاحترام من الجميع ,, لا تسمع لها صوتا غاضبا ولا نزاعا على حقوق مع أحد ولا ملاومة وعتاب مع النساء
ليس لعمتنا أم سلمة ولدا يدعو لها .. فادعوا لها
منتدى عائلة العبابسة
2007م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق